أين نحن من آلام مجتمعنا المدمّى وآماله؟!

عباس حيروقة: 

لطالما أنبأنا التاريخُ وأكّد الواقعُ أيضاً، في غير مكانٍ وزمانٍ إلى درجة اُعتبرَ من الحقائق البدهية، أن الأدباء والفنانين والمبدعين عموماً وخاصة الشعراء هم الأقرب إلى نبض المجتمع، الناس لا سيّما المقهورين والمسحوقين منهم.

ومَن هم هؤلاء الناس سوى أهلنا، عائلاتنا، أبناء جلدتنا، أبناء الرغيف والماء والتراب المعفر بدماء أبناء وإخوة لنا؟؟

فمن البداهة أن ننشغل بقضاياهم بقلقهم بآلامهم وآمالهم، بأحزانهم، بعويلهم، بلقمة عيشهم المغمسة بالدم وبالعرق.

والسؤال البدهي الذي يطرح نفسه على الملأ:

 لماذا نحن ككتاب وكأدباء وشعراء، كأعضاء اتحاد الكتاب العرب، كمجلس وكمكتب تنفيذي، لم نخرج ببيان واحد يؤكد حقيقة وقوفنا جنباً إلى جنب مع أنفسنا، مع أهلنا، إخوتنا من أبناء القهر، في وجه غليان السوق، فوضى الأسعار، الغلاء المرعب والبحث أو الوقوف على حقيقة ما نحن فيه أو عليه، وفق مفردات نقدية جريئة غير خجولة ولا مترددة ولا خائفة؟!

لنقف في وجه حيتان المال، والتجار الذين يتلاعبون في لقمة عيشنا ومن يقف معهم وأمامهم ووراءهم من جهات متنفذة مسؤولة!

لماذا لم نصدر بياناً واحداً يدين فيه سياسة الفساد والإفساد التي تمارَس ونعيش تفاصيلها على مدار الساعة، والتي ما من شأنها إلا أن تحولنا جميعنا- السوريين الذين قدموا ما قدموه من فلذات أكبادهم -إلى متسولين أو مهاجرين في بلاد الشتات؟؟

لماذا لم نصدر بيانا ندين فيه تلك الحالة المعيشية المتردية التي أوصلونا إليها، بفعل سياساتهم الفاشلة، إذ نرى أن ثمة طبقتين وحسب، مقهورة مسحوقة بائسة، وأخرى ممعنة في الرخاء والبذخ والامتلاء المادي والسلطوي؟!

لماذا لم نصدر بياناً نطالب فيه بفصل أعضاء اتحاد مازالوا ومنذ سنوات الحرب الأولى يتصدرون واجهات الفضائيات المعارضة ويشتمون ويسبون ويدعون لسفك الدم السوري بمفردات طائفية مذهبية عرقية، قومية، مقيتة؟!

لماذا، منذ سنوات الحرب الأولى، لا همّ لنا أو لمعظمنا كأعضاء اتحاد سوى عقد الاجتماعات الدورية لجمعياتنا والنشر وطباعة الكتب والاختلاف على من شارك ومن سيشارك في مهرجان هنا ومهرجانات هناك؟؟

هل هذه فقط هي هواجسنا نحن ككتاب وكأدباء؟ وهل أُسِّس اتحادنا تحت هذا الشعار وحسب، أم ثمة قضايا كبرى وأساس؟!

أليس من البداهة أن نكون الأقرب إلى أهلنا، ناسنا؟؟

نعم، من البداهة أن نكون صوتهم، صرختهم، وان نعيش عذاباتهم حتى نستطيع أن ندرأ عنهم وعنا بعض ما قد ينتظرنا من تهتك وموات،

حينئذٍ، ربما سنكون أكثر وفاء للأدب، للشعر، للرغيف وأهل الرغيف لأهلنا، للوطن!

 

العدد 1102 - 03/4/2024