في اللقاء العالمي للأحزاب الشيوعية والعمالية

مثل الحزب الشيوعي السوري الموحد في الاجتماع الدوري للأحزاب الشيوعية والعمالية في أزمير الرفيق نزار طرابلسي وألقى كلمة الحزب وهذا نصها:

أيتها الرفيقات، أيها الرفاق؛

اسمحوا لي، باسم اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري الموحد، ومكتبها السياسي، وأمينها العام، وكل قواعد الحزب، أن أقدم التحية إلى كل المشاركين في هذا اللقاء الأممي الـ 21 للأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية، متمنّين له النجاح والتوفيق، والخروج بقرارات وتوصيات لصالح الحركة الشيوعية وكل الشعوب المناضلة ضد الإمبريالية والاضطهاد والتطرف والإرهاب والعنف، واسمحوا لي أيضاً أن أتقدم بالشكر إلى الحزب الشيوعي التركي والحزب الشيوعي اليوناني على دعوتهم لنا واستضافتهم لهذا الاجتماع الكبير.

أيتها الرفيقات والرفاق

إننا سعداء لحضور هذا اللقاء الدوري للأحزاب الشيوعية العالمية، لأنه سيؤدي إلى توطيد أواصر العلاقة الرفاقية والأممية بين أحزابنا المتعددة، وتبادل وجهات النظر والاستفادة من التجارب المتنوعة، وتقييم المرحلة والوضع الدولي وما فيه من مستجدات وأحداث جرت بين هذا اللقاء واللقاء الأخير في أثينا العام الماضي.

تعرفون، أيتها الرفيقات والرفاق، أن بلدنا سورية كانت قد تعرضت منذ ثماني سنوات ولا تزال تتعرض لأكبر هجمة استعمارية رجعية وإرهابية، إضافة إلى محاولات لتقسيم سورية وإضعافها ونشر الفوضى والإرهاب، بعد أن تم تدمير اقتصادها والبنية التحتية، تحت مسميات مختلفة من نشر الحرية والديمقراطية الأمريكية والغربية المزيفة، على أيدي الإرهابيين الذين أتوا من كل دول العالم، بدعم وتمويل أمريكي أوربي سعودي قطري، إضافة إلى دور النظام التركي السيئ، لأنها كانت تنفذ مخططاً لضرب المنطقة العربية وتشتيتها وتشريد شعوبها وخلق فوضى خلاقة مفتعلة داخل مجتمعاتها تحت ما يسمى الربيع العربي المشؤوم. وتثبيت ما كانوا قد هيّؤوا له منذ عام 2006 تحت ما يسمى الشرق الأوسط الجديد، مع مراعاة المصالح الإسرائيلية العنصرية للكيان الصهيوني.

لقد قاتل الجيش السوري والقوى الوطنية، بكل بسالة وتضحية، المجموعات الإرهابية الفاشية والمجموعات المتطرفة والتكفيرية المسلحة والمدعومة من الخارج سياسياً وعسكرياً ومالياً ولوجستياً. وقدم الشعب السوري بكل قواه وأحزابه السياسية الشهداء، وكان لحزبنا نصيب من الشهداء الشيوعيين الذين سقطوا دفاعاً عن وحدة سورية واستقلالها، ودفاعاً عن كل دول المنطقة والعالم. وبفضل دعم قوى الحرية والسلام والديمقراطية في العالم، والدور الداعم الذي لعبته الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية، وبدعم الأصدقاء من روسيا وإيران والصين والمقاومة الوطنية اللبنانية، ودول أمريكا اللاتينية وكل شرفاء العالم، تمكنت سورية من استعادة القسم الأكبر من الأرض السورية وتنظيفها من بؤر الإرهاب والقيام بالمصالحات والحد من هدر الدماء وفتحت المجال للمتخلفين والمغرّر بهم للرجوع إلى كنف وحضن الدولة السورية. وساهمت وشاركت في اللقاءات والمؤتمرات الدولية التي دفعت العملية السلمية لأخذ دورها، فانعقد مؤتمر أستانا وسوتشي تحت رعاية الدول الضامنة (روسيا وإيران وتركيا) وقطعت أشواطاً جيدة وتقدّماً ملموساً في مسار العملية السلمية رغم العراقيل التي وضعتها الإدارة الأمريكية لتفشيل هذه المساعي السلمية، ورغم دعمها المستمر للمجموعات الإرهابية بعد أن منيت بالهزيمة، وتباكيها على المدنيين وعائلات الإرهابيين المحتجزين أو الذين قتلوا في ساحات القتال، وضغط ترامب مؤخراً على أوربا لكي تنقل ما يقارب 800 إرهابي وعائلاتهم إلى الدول الغربية التي يحملون جنسياتها، إضافة إلى تباطؤ وتراجع بعض الأطراف المشاركة وعدم التزامها بمقررات سوتشي وأستانا والمماطلة في التنفيذ، وتراجع الضامن التركي الذي كان المدافع والضامن بحدود للمجموعات المسلحة، التي لاتزال موجودة في إدلب والتي تلقى دعماً مستمراً من ما يسمى التحالف الدولي المزعوم بمحاربة داعش تحت قيادة الولايات المتحدة والغرب، الموجود هناك، والتصريحات المتكررة لترامب عن انسحابات وإعادة تموضع ماهي إلا محاولات كاذبة ومموهة نتيجة الفشل العسكري والسياسي الذي منيت به خلال كل سني الحرب السورية، وعدم تحقيق هدفها المعلن، ومخططها جعل المنطقة تحت الهيمنة الأمريكية والخضوع للحلول الصهيونية والاستسلامية. واستعاضت عنه بتدمير البنية التحتية والاقتصادية، وفرض حصار اقتصادي وسياسي جائر على سورية.

ومنذ ايام قام النظام التركي بعدوان عسكري على الأراضي السورية، بذريعة القضاء على المجموعات الكردية المسلحة، بعد أن أخلت له الساحة القوات الأمريكية التي كانت موجودة هناك، وأعطت له الضوء الأخضر لشن هذا العدوان على أراضي دولة مستقلة ذات سيادة، تحت مسميات المنطقة الامنة، وضرورة الحفاظ على الأمن القومي التركي. وهو ينوي التوغل ضمن الأراضي السورية بعمق 35 كم وبطول 400 كم. واستخدام المجموعات الإرهابية المسلحة وما يسمى جيش سورية الوطني الذي دعمته ودربته ومولته تركيا والموجود على أراضيها منذ بدء الأزمة، وجرى احتلال العديد من القرى والبلدات السورية. وبحجة نقل النازحين السوريين الموجودين على الأراضي التركية إلى تلك المناطق المحتلة. مع العلم أن هذا المخطط هو تغيير ديمغرافي ويتنافى مع القوانين والأعراف الدولية، ومقررات سوتشي وأستانا، بعدم المس بأراضي سورية والحفاظ على وحدتها واستقلالها، مع العلم أن تركيا هي إحدى الدول الضامنة في هذه المفاوضات.

إن هذا العدوان السافر ليس له أي تفسير إلا تحقيق الأطماع الأردوغانية العثمانية بالسيطرة على المنطقة وتزعم حركة الإخوان المسلمين. وهو لا يدرك أنه بهذه العملية يعرض الأمن القومي التركي للخطر، إضافة إلى الوضع الاقتصادي الداخلي والسياسي المتدهور نتيجة هذه السياسات الخاطئة والمدمرة، والتي كانت محط استنكار دولي وشعبي والمطالبة بانسحاب القوات التركية المحتلة، واعطاء الدور للعملية السلمية التي انطلقت من أستانا والتي كانت تركيا إحدى دعائمها، وعدم الانصياع للرغبات الأمريكية بالدخول في المستنقع السوري، الذي سيجلب الذل والعار لأردوغان والمزيد من الكراهية. وإذا استمر بدور المحتل سيحصد نتائجها السلبية لسنين عديدة الشعب التركي البعيد كل البعد عن أطماع أردوغان العثمانية والذي له الرغبة بأحسن علاقات الجوار مع سورية ودول المنطقة. وستنعكس على العلاقات الدولية لتركيا.

إن هذا الاحتلال الغاشم سيؤدي إلى نسف العملية السلمية التي بدأت منذ سنوات في أستانا ومتمماتها في سوتشي وقطعت اشواطاً كبيرة وتوصلت إلى حلول جيدة، وكان اخرها تشكيل اللجنة الدستورية وبدء اجتماعاتها قريباً وتفعيلها، إضافة إلى مناطق منع التصعيد التي جرى الاتفاق عليها.

إن الشعب السوري بكل أطيافه ومواطنيه على اختلاف انتماءاتهم العرقية والطائفية والقومية والسياسية والاجتماعية طالبت الجيش العربي السوري بأخذ زمام الأمور والمسؤولية بالدفاع عن مواطنيه دون استثناء ولا تمييز، وضمان وحدة التراب السوري وطرد المحتل إلى الحدود الدولية المعترف فيها، والعمل بموجب اتفاقية أضنة لعام 1998 التي تنظم التعامل على الحدود السورية التركية، وكيفية حل الخلافات بالطرق والأساليب السلمية. وابتعاد الجانب التركي عن الغطرسة واستغلال الظرف الصعب الذي تمر به سورية. إلا أن هذا الظرف مع كل خطورته له خطوط حمراء لا يجوز تخطيها، وأهمها المس بالسيادة الوطنية ووحدة اراضي الجمهورية العربية السورية واستقلالها. وهذا ما صدر عدة مرات في البيانات الختامية للعملية السلمية في أستانا وسوتشي وموافقة تركيا عليها، وتأكيدها في كل القرارات والمشاريع الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن والقوانين الدولية المعمول بها.

إن معركة مكافحة الإرهاب التي خاضها الجيش والشعب السوري وحلفاؤهم أثبتت قدرة هذا المحور في القضاء على الإرهاب وإفشال المخططات الأنكلو أمريكية، وسقطت أوهام بعض الحكام العرب ومن سار في ركبهم، لتفكيك سورية وتقسيمها والمس بسيادتها، وباتت معركة القضاء على باقي فلول الإرهاب في إدلب السورية أسابيع معدودة، بعد أن دخل الجيش العربي السوري مؤخراً إلى المناطق الشمالية الشرقية للوقوف بوجه العدوان التركي وتحرير الأراضي التي احتلها، ولتأمين حماية الحدود التركية السورية، وحماية المواطنين السوريين وعودة المهجرين الذين تضرروا وهجروا لقاء العدوان التركي على سورية. وإن المنطقة الآمنة للدولتين السورية والتركية هو وجود الجيش السوري على الحدود كما كانت قبل عام 2011، وتفعيل اتفاق أضنة لعام 1998.

إن الشعب السوري مصمم على استعادة كامل الأرض السورية وتحريرها، والقضاء على الإرهاب والتطرف الديني والعرقي، والمطالبة بخروج كل القوات الاجنبية المحتلة والموجودة على الأراضي السورية بصفة غير شرعية، والالتزام بمقررات الأمم المتحدة، وتحقيق الأمن والأمان، والاستقرار للدولة السورية، والبدء بإعادة الإعمار بشكل حقيقي ومنظم، وعودة المهجرين إلى ديارهم، وتأمين أبسط قواعد المعيشة للمواطنين، والحاجات الضرورية اليومية بأسعار تتناسب مع دخل المواطن، وبناء الدولة العلمانية والمدنية التي تتسع لكل المواطنين السوريين، والقضاء على الفساد والرشوة.

إن حزبنا ما يزال يطالب بالحل السياسي للأزمة السورية وفق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومقررات سوتشي وأستانا، والاتفاقيات التي وقعت بين الأطراف المجتمعة والدول الراعية والضامنة والالتزام بتعهداتها، وتنفيذ مقرراتها، جنباً إلى جنب مع استعمال كل الوسائل التي تكفل الدفاع عن وطننا وتحرير كل شبر من أجزائه المحتلة. والحفاظ على استقلال ووحدة الوطن أرضاً وشعباً، والسير قدماً على طريق مجتمع الديمقراطية والنمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، شاء من شاء وأبى من أبى.

وبهذه المناسبة أريد التنبيه أن اجتماع اللجنة التحضيرية للأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية المنعقد في أزمير بتاريخ 8 حزيران عام 2019، للتحضير لهذا المؤتمر الـ 21، كنا قد تقدمنا فيه باقتراح إلى لجنة العمل لعقد مؤتمرنا هذا في دمشق بدلاً من أزمير، وبعد مداخلات ومفاوضات مع ممثلي الأحزاب الشيوعية في اللجنة، توصلنا إلى اتفاق جرى بموجبه سحب الاقتراح من قبلنا، وموافقتنا على عقد هذا المؤتمر في أزمير، وبالتوافق يصدر قرار عن اللجنة وفي البيان الختامي: بالدعوة إلى لقاء استثنائي للأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية يعقد في دمشق خلال عام 2019 دعماً للشعب السوري في معركته ضد الإرهاب. وقد وافق ممثلو الأحزاب الشيوعية في لجنة العمل على هذا الاقتراح بالإجماع. (أكرر بالإجماع). للأسف فوجئنا بعدم ورود هذا النص حسب الاتفاق في البيان الختامي للجنة العمل التي انعقدت بتاريخ 17 تشرين الأول أي منذ 3 أيام. وتراجع الرفاق في الحزبين اليوناني والتركي عن هذا النص، وعن الالتزام بالاتفاق.

إننا نطالب بورود نص الدعوة لهذا اللقاء التضامني في البيان الختامي لمؤتمر الأحزاب الشيوعية المنعقد حالياً في أزمير. مع العلم أننا قد أعلمنا الحزبين الشيوعيين التركي واليوناني عن البدء بالتحضير لهذا اللقاء في النصف الثاني من شهر تشرين الثاني من هذا العام، بموجب كتاب موجّه للحزبين بتاريخ 4/9/2019 ولا أرى مبرراً لرفض عقد هذا اللقاء.

إننا نتوجه بجزيل الشكر لجميع الأحزاب الشيوعية والعمالية لإعرابها عن تضامنها معنا، ونكرر استعدادنا لاستقبال وفود الأحزاب الشيوعية والعمالية التي سوف تأتي إلى سورية لحضور هذه التظاهرة التضامنية في الفترة (28_ 30/11/2019) من هذا العام، وهي تصادف أيضاً في هذه الفترة الذكرى الـ 95 لتأسيس حزبنا، وسيكون أيضاً موعد انعقاد المؤتمر الثالث عشر لحزبنا. وسنرسل لكم الدعوة مع برنامج اللقاء لاحقاً.

أيتها الرفيقات أيها الرفاق

إن العالم يمر بمرحلة صعبة وتعاني الشعوب من آثار الغطرسة الإمبريالية والانفراد الدولي ومبدأ القطب الواحد ونظام العولمة واستغلال البنك الدولي للشعوب والدول الضعيفة والفقيرة، التي استغلتها الإمبريالية والرأسمالية على مدى عقود، وعدم حل المشاكل الدولية وتأزيمها، مما أدى ويؤدي إلى تنامي التطرف والإرهاب في العالم. ونتيجة عدم حل المشاكل العالقة وأهمها قضية الشعب الفلسطيني ونضاله الدائم على مدى عقود لاستعادة حقوقه المشروعة بقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس وحق العودة للشعب الفلسطيني، وذلك حسب مقررات الأمم المتحدة ومجلس الامن، وحل مشكلة الهجرة والحد منها بإقامة المشاريع الاقتصادية وتأمين فرص العمل، والحد من البطالة، والحد من الجشع واستغلال الاستثمارات الاجنبية والمحلية، والقضاء على كل بؤر الفساد والرشوة والكسب غير المشروع، وبناء مجتمعات ديمقراطية علمانية، وحل النزاعات بالطرق السلمية، ونبذ العنف والتحريض، وإلغاء الطائفية، وتعزيز ودعم منظمات السلام العالمية لما فيه خير المجتمعات البشرية.

لذلك يتطلب الأمر في هذه المرحلة الصعبة من كل أحزابنا أن تتضامن فيما بينها وترص صفوفها الداخلية وتتناسى النزاعات والخلافات الثانوية، وتدعو إلى وحدة الشيوعيين في كل بلد مما يؤدي إلى دعوة الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية إلى أن ترص صفوفها، لأن وحدتها وقوتها هو قوة لكل الأحزاب الشيوعية ولشعوبها في العالم، وهو أكبر انتصار على الإمبريالية والرأسمالية وأعداء الشيوعية.

أيتها الرفيقات والرفاق

مرة أخرى نتقدم بالشكر إلى كل من ساهم في تنظيم هذا اللقاء وإنجاحه، وأخصّ بالذكر الحزب الشيوعي التركي بكل كوادره وفعالياته، لما فيه إلى المزيد من الانتصارات للشعوب وللأحزاب الشيوعية في العالم.

عاش اللقاء الـ 21 للأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية!

عاشت الماركسية اللينينية، البوصلة الصحيحة للشعوب!

ستبقى راية الشيوعية خفاقة في العالم!

وشكراً.

الحزب الشيوعي السوري الموحد

العدد 1102 - 03/4/2024