موظفون بلا طموح
ولاء العنيد:
كانت سورية تنعم بالكثير من الأمور الحسنة التي حُسِدت عليها، ومنها العقول والشباب المتعلمون المثقفون الذين دأبوا على تطوير أنفسهم ومهاراتهم، وهذا ما كان له الدور الأكبر في النهضة التي شهدتها سورية قبل الحرب، شباب يتمتعون بمهارات عالية وطموح كبير ظهر على عدة أصعدة، ما ساهم بنجاحهم في عملهم ونمو مؤسساتهم، ولكن الحرب لم تترك هؤلاء بحالهم، أثرت عليهم كما أثرت على الكثيرين، هددت أحلامهم ودمرت حاضرهم، فما كان من البعض سوى جمع بقايا طموحاتهم والبحث عن مستقبله في بلاد أخرى لأسباب كثيرة، ما ترك البلاد في حالة ندرة للموظفين الذين كان همهم الأول النجاح في أعمالهم وزيادة خبراتهم، وأصبحت تعاني من فئة الموظفين الذين أجبرتهم ظروف البلاد على البحث عن المكان الذي يؤمن لهم دخلاً أكبر دون الاهتمام بالمصلحة العامة للشركة و التركيز فقط على مصالهم المادية، بغض النظر عما إذا كان ذلك يلبي طموحاتهم التي تركوها جانباً بحثاً عن الراتب الأفضل، ويعود ذلك لعدة أسباب تُطرَح في كل نقاش يدور حول هذه النقطة، منها الظروف العامة في البلاد من فقر ومعاناة وغلاء، وكما ذكرنا سابقاً هجرة الكفاءات، إضافة إلى الضغط النفسي الذي أصبح يلازم الموظفين في أن يكون همهم وطموحهم تأمين دخل جيد دون الاهتمام بمحاولة تدريب أنفسهم وتطوير مهاراتهم، و إثبات أنفسهم بعملهم والاستقرار به لينمو معهم بما يعود عليهم بالفائدة المادية والمعنوية، ومحاربة كل المشكلات والعوائق التي تمنع ذلك في سبيل الاستمرار بعملهم بكل أمانة، ولكنهم باتوا يفضلون ترك أعمالهم الحالية مع أصغر فرصة تعرض عليهم راتباً أكبر مما يحصلون عليه ولو بقليل، أو بسبب أيّ عائق بسيط أو مشكله صغيرة في الشركة، وللأسف أصبح كثير من الموظفين الحاليين يتمتعون بهذه الصفات التي أصبحت تشكل عبئاً على الشركات في محاولة البحث عن موظفين يحملون كفاءات عالية وصفات شخصية مميزة، تسهم في تطوير شركاتهم. ولكن رغم البحث لا يحصلون إلا على شباب صغار السن بخبرات قليلة يفتقدون الطموح، يصعب تحفيزهم وتشجيعهم سوى بالراتب الذي هو محط أنظارهم في ظروف البلاد الخانقة، ورغم محاولة بعض الشركات التي تنبهت إلى أهمية تدريب موظفيها لرفع كفاءاتهم وتدريبهم وتطوير مهاراتهم، تجد قلة من الموظفين الذي يهتمون ويقدرون جهود مؤسساتهم، لأن كثيرين أصبحوا يحضرون التدريبات وكأنها ستضرهم، أو أن الفائدة ستعود على مؤسسته فقط، ونسي أنه سيكون المستفيد الأول والأكبر من هذه التدريبات التي ستطوره على الصعيد الشخصي والمهني.
لهذا نحن بحاجة إلى إعلام يعيد تسليط الضوء على أهمية دور الموظفين في مؤسساتهم وشركاتهم، وضرورة تنمية مهاراتهم بما يعود بالفائدة عليهم وعلى البلاد في الوقت الحالي والمستقبل القريب.