متى ستغضب السّلطة الفلسطينية؟
موسى الخطيب:
تفاءل الشّعب الفلسطيني بإعلان السّلطة عن قرارات وقف العمل بالاتفاقات الموقعة مع الاحتلال، وقد أشاع هذا القرار في الأوساط الفلسطينية كافة حالة من الانفراج خاصة موقفها الإيجابي من ورشة (المنامة) وجاء متوافقاً مع إرادة الشّعب الفلسطيني الرّافض لهذه المؤامرة الأمريكية الوقحة.
وبالمقابل تجاهل نتنياهو العديد من الدّعـوات للقاء مشترك يفتح الباب لاستئنـاف المفاوضات الثـنائية، وقد أكد رئيس السّلطة الفلسطينية لوفـد صهيونيّ تمسكه بالمفاوضات خياراً للحل، وأنّ يده مازالت ممدودة للسلام مع الصّهاينة.
فأيّة مفاوضات تريدها السلطة من محتل وقاتل؟
وهل يتوافق هذا الموقف من السّلطة مع قرارات المجلس المركزي والوطني، خاصة طيّ صفحة أوسلو والتّحرر من التزاماته؟
إن هذه التّحركات العشوائية للسّلطة ليست إلا تعبيراً فجّاً عن أزمة سياسية عميقة، أزمة مأساوية لدى مَن بات عاجزاً عن التفلت من استحقاقات وإلتزامات أوسلو وأزمة من يقوم بتعطيل قرارات الإجماع الوطني!
إنّ هذه السّياسة الّتي تنتج مسارين متناقضين، الأول: سياسة الغزل مع العدو الصّهيوني، والثّاني: سياسة التّضليل للشعب الفلسطيني بوعود كاذبة، وتصديقاً لقولنا فقد كان قرار رئيس السّلطة بتشكيل لجنة وقف العمل بالاتفاقيات مع الصهاينة يوم 25/7/2019 وذلك من دون تحديد سقف زمني لإنهاء قراراتها التي ينتظرها الشعب الفلسطيني، وحتى اللحظة لم نسمع من هذه اللجنة أيّة إشارة تبيّن إلى أين وصلت في أعمالها ومتى ستنتهي من اتخاذ تلك القرارات؟
لكنها قرارات وضعت على رف النّسيان وقد علاها الغبار.
لماذا هذا التباطؤ في إخراج قراراتها. ولماذا شُكِّلت لجنة لدراسة هذه القرارات؟ علماً أنّ اتخاذ قرارات فك الارتباط مع العدو لا تحتاج إلى لجنة، لأنها من صلاحية رئيس السّلطة، وبالمقابل هو الذي يرفض سحب الاعتراف بدولة الصّهاينة، ويرفض إلغاء التّنسيق الأمني وفك الارتباط الاقتصادي وغيرها، وهو القادر على إلغاء كل القرارات والاتفاقات مع العدو الصّهيوني من دون العودة إلى لجان وغيرها.
نحن نتفهم جيداً من هذه المواقف الرّخوة تجاه العدو أنه لازال يراهن على الدور الأمريكي في إيجاد مخرج عادل كما تتوهم تلك السّلطة.
متى تستيقظ السلطة الفلسطينية وتدرك أن الشعب الفلسطيني رسم بطولاته بدمه بدءاً من مسيرات العودة في غزة التي تدخل أسبوعها الخامس والسبعين، ومازالت في أوج عنفوانها على الرغم من آلاف الشهداء والجرحى والمعوقين؟ ومع ذلك ما زال الصّمود عنوانها، مروراً باجتياح قوات الاحتلال للمدن والقرى الفلسطينية وحروبها المدمرة على قطاع غزة، وانتهاء بخطف الأطفال وإعدامهم مع نسف المنازل وهبّات الأسرى في زنازين الاحتلال في ظل سياسة دموية وقمعية.
هل من المعقول أن السّلطة لم تقرأ بعد هذه العناوين الدّموية؟
متى تتخلص السّلطة من أوهام مد يد السّلام للعدو الصّهيوني، وتدرك أنّه يضع يده على الزناد دائماً، وأن الرّهان على دور أمريكي عادل هو وهم لا حقيقة له؟
هل ننتظر منها صحوة المخدوع، فتدوس على اتفاقات أوسلو وما تحمله من تنازلات مجانية وترمي بها إلى مزبلة التاريخ؟ وتصوغ مرحلة جديدة للحالة الفلسطينية؟ وحينئذٍ سوف يعلو تصفيقنا لها!