فنّ التسويق (البقرة البنفسجيّة)!

ريم الحسين:

تأتي تسمية (البقرة البنفسجية) التي تعود إلى أحد مؤلّفات (سيث جودين) أحد خبراء التسويق بحد ذاتها كفكرة تجذب كل من يسمع باسمها إلى قراءة محتويات هذا الكتاب المدهش. يشير (سيث جودين) في كتابه هذا إلى مدى التميز والتفرد الذي يمكن الحصول عليه في العملية التسويقية، فيما لو خرجنا عمّا هو مألوف وعن الإطار الذي جرى تأطير عالم التسويق به، وعن كل ما يمت بصلة إلى الأفكار التقليدية.

الكاتب يأخد كمثال قطيعاً من الأبقار المتشابهة، وغالباً مثلا لها لون أبيض وأسود، تمر أنت أمام هذه المزرعة للأبقار يومياً دون أن يلفت انتباهك شيء، منظر طبيعي لأبقار لا شيء جديد، وبعدها تظهر بقرة بنفسجية لم يسبق لك رؤية مثلها، وهنا تنتبه للأمر، وهكذا يحاول الكاتب أن يوضح أن الإعلان المميز هو مثل البقرة البنفسجية.

غالبا الناس يكرهون الإعلانات والأمر بسيط كما يوضح الكاتب، وهو أن الناس سئموا من رؤية هذه الإعلانات التي غالباً كلها متشابهة ونمطية للغاية، وحتى بعد ظهور إعلان مميز، تشرع الشركات الأخرى بتقليد هذا الإعلان وهنا يصبح شيئاً شائعاً، وهكذا يحاول الكاتب أن يركز على أن الإعلان الناجح والمؤثر هو الذي يقدم فكرة مبتكرة.

الكاتب  سيث جودين  سيساعدنا كي نفهم نحن لماذا نكره الإعلانات؟ لماذا الإعلانات لم تعد مؤثرة كما في السابق؟ فهو يقسم الإعلانات إلى ثلاثة أزمنة:

الزمن الأول يسمى  before advertising  وهنا يقصد زمن ما قبل مفهوم الإعلانات التي نعرفها الأن، أي الإعلانات الشفهية البسيطة. مثلاً أن يسمع أحدهم عن منتج ما ثم يتحمس له ويقوم بإخبار شخص أخر أو عدة أشخاص بهذا الأمر.  وهذا عصر ما قبل التلفزيون والإنترنت، وهكذا ينتشر خبر هذا المنتج.

الزمن الثاني يسمى  advertising era  وهنا يقصد عصر الإعلانات التي ظهرت لأول مرة، أي في التلفاز والصحف وكيف كان الناس يتعرفون على مفهوم الإعلانات لأول مرة.

الزمن الثالث يسمى  after advertising  وهنا يوضح الكاتب أن الناس باتوا يكرهون الإعلانات ويحاولون قدر الإمكان التهرب منها، بسبب الانتشار الكبير والتكرار والنمطية ذلك أننا اصبحنا في زمن التقليد، فمعظم الشركات تتبع أسلوب ( follow the leader اتبع القائد) و يعني تقليد أسلوب أي شركة ناجحة.

الشركات بحسب الكاتب كالبقر المتشابه، والمنتج حتى يتمكن من لفت نظر المستهلكين يجب أن يكون remarkable استثنائياً أي مثل (البقرة البنفسجية).

وهكذا يقدم الكاتب مجموعة من النصائح لتجاوز التحديات مركّزاً على عدة نقاط أساسية وهي:

 التفكير الاستثنائي أي (أخذ المخاطر) بأن يكون لديك فكرة مختلفة عن بقية الشركات أو المصنعين أو الموردين والمعلنين، يعني عدم التقليد بالدرجة الأولى وهذا يتحقق في مرحلة (تصميم المنتج) فأغلب الشركات تصمم المنتج ثم تفكر في تسويقه، أما الكاتب فيقترح أن يتم التسويق في مرحلة التصميم، وهذا يساعد في الانتشار بشكل كبير جداً، كما فعلت على سبيل المثال شركة آبل وموقع أمازون في أخذ المخاطرة.

أما النقطة الثانية فهي التسويق للأشخاص المناسبين، أي الأشخاص الذين بحاجة لهذا المنتج أو السلعة ذلك أن الأفكار عندما تبدأ بالانتشار تبدأ (بالمبتكرين) وهم الاشخاص الذين يريدون تجربة أشياء جديدة، ومن ثم يأتي (المتبنّون الأوائل) وهم الأشخاص الذين يتبنون أفكار جديدة ويقومون بنشرها، ومن ثم (الغالبية العظمى) وهم الأكثرية واخيراً (المتقاعسون) الذين يعتبرون آخر من يجرب المنتج الجديد. وأغلب الشركات تركز على الغالبية العظمى وهذا خاطئ، لأنهم لا يجربون المنتج إلا بعد أن يجربه المبتكرون. الصحيح هو التركيز على المتبنون الأوائل.

أما النقطة الثالثة المهمة في تسويق المنتج فهي استخدام شعار بسيط  simple slogan بحيث يكون من السهل تذكره كشعار شركة  Nike الرياضية على سبيل المثال  just do it الشعار بسيط ويعني أن تكون نشيطاً والجميع على معرفة به.

الملخص من هذا الكتاب التسويقي المشوق والممتع هو أن عصر الإعلانات انتهى وانقرض، وأصبحت الإعلانات غير فعالة على الإطلاق، وخصوصاً بعد هذا التطور التكنولوجي الكبير، فقد أصبح التسويق الإلكتروني هو المسيطر، وحتى تستطيع تسويق منتجك بشكل فعال يجب أن تركز على ثلاث خطوات أساسية:

– أخذ المخاطر (استثنائي).

– التسويق للأشخاص المناسبين (المتبنّون الأوائل)

– استخدام شعار بسيط واعتماد التسويق الشفوي.

إذاً، لن تكون شركتك بقرة عادية وإنما ستكون البقرة البنفسجية!

العدد 1102 - 03/4/2024