أجور التكاسي معضلة تنتظر حلاً

ولاء العنيد:

أزمة المواصلات، على طوال سنوات الحرب، لم تنحل ولا قيد شعرة، بل تتعقد أكثر مع كل محاولة لإصلاحها، وخصوصاً عند فرض تعرفة جديدة أو تسعيرة من قبل الحكومة، وعلى هذا الحال ما تلبث أن تهدأ تارة حتى تعود للظهور، على سطح مشكلات المواطن السوري معها طوراً آخر.

 واليوم أصبحت تعرفة سيارات الأجرة (التكاسي) هي حديث المواطنين، فذلك السائق التزم بالتعرفة وشغّل عداد سيارته خوفاً من مخالفة، وذاك لم يقبل أن يُقلّ زبونه قبل أن يشارطه على أجرة النقل، وبينهما احتار المواطن في كيفية التعامل مع هذه المعضلة التي تزامنت مع رفع سائقي سيارات الأجرة وحدهم، وطلب مبالغ كبيرة رغم قصر المسافة دون أي رادع.

وفي هذه المشكلة التي يشترك فيها المواطن والحكومة وسائقو التكسي يصعب الفصل والتحديد: على من يقع اللوم؟ فالكل مشارك في تعقيدها وكل حسب دوره.

لنبدأ من سائقي التكاسي الذين اعترضوا منذ البداية على أن التعرفة قليلة ولا تنصفهم، فالبنزين ارتفع سعره وهم يتكبدون خسائر كبيرة عندما يذهب الوقت هدراً ريثما يجدون زبون يقلونه، عدا تكاليف صيانة السيارة وغلاء قطع غيار السيارت، وكل هذا في جانب، والمخالفات التي يتعرضون لها في جانب آخر، على حد تعبيرهم.

بينما صرّحت الحكومة أنها فرضت التعرفة الجديدة بعد دراستها بشكل جيد، وهي تعتبرها منصفة وتقي المواطن من الاستغلال الذي قام به سائقو سيارات الأجرة في الفترة الماضية، وهذا ما ظهر بشكل جلي في تركيز عناصر الشرطة على متابعة سائقي التكاسي وإيقافهم، للتأكد من أنهم يعملون وفقاً للعداد أم لا. وهنا يأتي دور المواطن الذي يشارك في عدم حل الأزمة حين يقبل أن يركب سيارة الأجرة، بعد أن يتفق على المبلغ مع السائق ويتفق معه على إخفاء هذا الاتفاق إذا اعترضهم الشرطي وسألهم، السائق. وبهذا يكون المواطن الذي يحمي من يقوم باستغلاله هو المواطن نفسه الذي يشتكي من تحكم سائقي التكسي برفع أجورهم والمبالغة في الأجرة التي يطلبونها، ونسي أنه كان شريكاً للسائق في تجاوزه لقانون التعرفة، بقبوله إخفاء اتفاقه مع السائق، وعدم الإبلاغ عنه. وبهذا نقع في معضلة أن السائق لا يلتزم والمواطن لا يشتكي والحكومة لا تستطيع أن تفرض وحدها حالة النظام هذه إن لم يتعاون المواطن الذي قبل أن يُستغل رغم وجود قانون يحميه. ولهذا يجدر إقامة حملات توعية للمواطن لإدراك دوره الفعال في فرض القانون يداً بيد مع الحكومة، وتشديد عملية المراقبة من قبل عناصر الشرطة، فهذه المشكلة لا تحل حتى يصبح الأجزاء كلّاً واحداً يعمل لمصلحة البلد.

العدد 1104 - 24/4/2024