وما زلتَ عصيّاً على الإرهاب يا وطناً أُثخن بسكاكين الغدر!
حسن العمير:
بندقيته بيد، وراية الوطن باليد الأخرى، وعيناه تغوصان في أعماق الذّاكرة لتلتقط أجمل الصور لسماء قريته وزواريبها التّرابية المتعرجة، أشجار الزّيتون الحُبلى بالثمار والخضرة، وجه أبيه المُبتسم رغم قسوة الحياة، أخيه الشّهيد الّذي سبقه إلى المجد، مدرسته الّتي تعلّم منها أبجدية حب الوطن منذ نعومة أظفاره، صورة أمه الّتي أرضعته الشّموخ والعنفوان، زوجته، طفلتيه، الّذين كلما مرّوا في خياله ابتسم شادّاً سلاحه إلى صدره مُصمّماً على التّضحية من أجلهم، ليعيشوا بكرامة، وهذا ما حصل فعلاً، فكلُّ ذلك كان يدور في وجدانه كلّ يوم وهو في خندق المواجهة مع الإرهاب، يستذكره كل لحظة ليُعزّز إصراره على الاستمرارفي التصدي لهؤلاء القتلة وشُذّاذ الآفاق.
الشّهيد البطل (حازم علي المنلا) الّذي أبصر النور في 22/6/1994 في قريته الصغيرة (رسم العلم) التابعة للريف الشرقي المحرر لمدينة حلب، كان على موعد مع الشّهادة في صبيحة يوم الثلاثاء 13/8/2019 أثناء تأديته لواجبه المقدس في تحرير ما تبقى من أرض الوطن من الإرهاب، في بلدة (خان شيخون)، فارتقى شهيداً بطلاً ليلحق بشقيقه (زين العابدين علي المنلا) الذي سبقه إلى المجد عام 2013.
استُشهد (حازم) تاركاً لنا ولطفلتين بعمر الزهور دروساً في التّضحية والفداء، لأنه قدم أغلى ما يملك لنعيش نحن، ويحيا الوطن.
للشهداء الخلود، وللوطن الصمود، ولأهله وذويه الصبر والسلوان.
سورية لن تركع لأنهم في الخنادق يعشقون الشهادة.