مخاطر ثلاثية الأبعاد: قاعدتها أمريكية وأدواتها قسد وداعش

شركات أمريكية لتدريب عناصر محلية مرتزقة وحماية نفط الشرق السوري

رزوق الغاوي: 

بين وقت وآخر تعود الإدارة الأمريكية إلى العزف على وتر ادعائها بأنه تم الانتصار على تنظيم داعش الإرهابي، وأن سحب القوات الأمريكية من منطقة شرق الفرات بات وشيكاً، ومن ثمَّ إبقاء تلك المنطقة تحت سيطرة قوات سورية الديمقراطية مع إدراك واشنطن أن (قسد) غير قادرة على إسقاط محاولات داعش الجديدة الرامية للعودة إلى تلك المنطقة والسيطرة عليها مجدداً، وخاصة مع معرفة واشنطن الأكيدة بأنه لاتزال لداعش خلايا نائمة يحاول التنظيم الإرهابي توظيفها، ما يؤكد النيات الأمريكية القديمة الجديدة، الرامية لإقامة (غيتو) كردي في تلك المنطقة الغنية بالنفط والغاز على حساب السيادة السورية عليها.

على هذا الصعيد تتداول دوائر دولية مسألة بقاء عناصر فاعلة من داعش في منطقة غرب العراق المتاخمة للأراضي السورية، وعزم التنظيم على العودة مجدداً لخلط الأوراق وعرقلة أية مساعٍ صادقة للتوصل إلى تسوية سياسية، مع الإشارة إلى أن الجيش العراقي حسب خبراء عسكريين، لم يتمكن حتى الآن من إنهاء داعش على الأرض العراقية، الأمر الذي يدحض ادعاءات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإنهاء داعش، وخاصة مع الأخذ بالاعتبار حسب متابعين لواقع التنظيم أنه لاتزال لديه مؤسسات مالية وإدارية وتنظيمية من شأنها المحافظة على قوته وتأثيره، والأخذ بالاعتبار أيضاً قدرته على تحريك أكثر من مليون دولار أسبوعياً وامتلاكه كتلة نقدية هائلة مودعة في المصارف التركية بصورة غير قانونية، وكميات كبيرة من الذهب تمكنه من شراء مجموعة كبيرة من العقارات والآليات، مايمكنها من مراقبة خطوط نقل النفط من الأراضي العراقية إلى سورية.

ما تقدم أمر يدعو إلى الحذر، وإلى أخذ جميع الاحتياطات الكفيلة بمنع داعش من العودة بالأزمة إلى مربعها الأول في شرق الفرات، في ضوء الاحتمالات المفاجئة التي قد يطلع الرئيس ترامب علينا بها حول ما يتصل بمستقبل الاحتلال الأمريكي لبعض الأراضي السورية سواء بربط انسحاب القوات الأمريكية بالإنهاء الكامل لتنظيم داعش، أو بنية البقاء في سورية بعد إنهاء داعش، أما الجديد الأمريكي، فهو عزم واشنطن على استقدام شركات أمريكية خاصة مهمتها تدريب عناصر محلية مرتزقة وحماية المنشآت النفطية وخطوط نقل النفط في الشرق السوري.

وإذا كان الشيء بالشيء يُذكَر، يبدو مفيداً الانطلاق من مقولة (من فمهم ندينهم) ونكشف خلافاً لما يعتقده البعض، ببراءة، ممن لايرون أبعد من أُنوفهم، الولايات المتحدة الأمريكية من صناعة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام النقاب عن تفجير وزيرة الخارجية الأمريكية سابقاً هيلاري كلينتون مفاجأة من العيار الثقيل، باعترافها في كتابها الجديد (خيارات صعبة) أن الإدارة الأمريكية ذاتها التي قامت بتأسيس تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام/داعش كمقدمة لتقسيم منطقة الشرق الأوسط. فقد قالت في كتاب مذكراتها الذي صدر مؤخراً في أمريكا: لقد دخلنا الحرب العراقية والليبية والسورية، وكان كل شيء على ما يرام وجيداً جداً، وفجأة قامت ثورة 30/6 – 3/7 في مصر وكل شيء تغير خلال 72 ساعة، وأضافت كلينتون:  (تم الاتفاق على إعلان الدولة الإسلامية يوم 5/7/2013 وكنا ننتظر الإعلان لكي نعترف نحن وأوربا بها فوراً، وكنت قد زرت 112 دولة في العالم وتم الاتفاق مع بعض الأصدقاء على الاعتراف بـهذه الدولة الإسلامية حال إعلانها فوراً. وفجأة تحطم كل شيء، كل شيء كسر أمام أعيننا دون سابق إنذار، شيء مهول حدث)!

هذه هي الولايات المتحدة الأمريكية التي يمكننا القول بالفم الملآن إنها ومن خلال ما تمارسه من كذبٍ ونفاقٍ سياسي معتاد وعدوان عسكري غاشم، بدأت اللعب على المكشوف في تعاطيها مع الملف السوري، منذ أن أعلنت صراحة أنها لن تضع حداً لوجودها في سورية، بل إنها ستواصل احتلالها حتى إشعار آخر.

دمشق ــ الأحد 21/7/2019    

 

العدد 1102 - 03/4/2024