شو عم يصير | التصريحات بـ(بلاش)

مادلين جليس:

بعد كل الارتفاعات السعرية المرافقة لارتفاع سعر الصرف مقابل الليرة السورية، والتي قلنا سابقاً إنها تشمّ رائحة الارتفاع فترتفع على أساسه، دون سبب مقنع أو موجب، وبعد كل الصعود الكبير الذي أوصله إلى ما يفوق ٦١٠ ليرة، وكثرة المطالبات من جميع الفئات بضرورة التدخل والتصرف لمنع ارتفاعه أكثر من ذلك، يخرج مصرف سورية المركزي عن صمته، ويدلي حاكمه بتصريح على إحدى الشاشات السورية مختصره أن ارتفاع سعر الصرف وهمي!

هل ينتظر المصرف من المواطن أن يصدق ويقتنع ويؤمن بهذا التصريح، بل وعليه العمل استناداً إليه، ويشتري بحساب أن هذا الارتفاع وهمي، وأن سعر الصرف لم يتجاوز ٥٠٠ ليرة بعد، وأن الرقم ٦١٠ ما هو إلا تضليل اقتصادي؟.

أحدهم، بعد سماع هذه التصريحات، جمع الصحف التي نشرت الخبر، وبدأ بقص الجزء المتعلق بتصريح المركزي، وبعد نصف ساعة من البحث والقص، خرج برزمة من الأوراق (المصرّح فيها) وراح يقول لزملائه مبتسماً: أمّنت الآن تكاليف مشتريات اليوم، لقد كنت قلقاً كيف سأثبت للتجار أن ارتفاع سعر الدولار وهمي، وكيف سأواجه صاحب البقالية أو السمان حينما يرفع سعر منتجاته بذريعة ارتفاع سعر الدولار، هكذا سيكون بمقدوري بيعهم هذه التصريحات، وشراء بدلاً منها حاجات المنزل الضرورية، وقد يزيد معي تصريحان أو ثلاثة، أخبّئها للغد، أكيد سأحتاج المزيد منها لشراء الخبز واللحم.

ثم يصمت متابعاً: نأمل أن يخرج المصرف بتصريحات جديدة كل فترة، تساعدنا على شراء حاجاتنا الضرورية والدفاع عن أنفسنا أمام التجار والبائعين.

ويضحك آخر من الحال التي وصلنا لها، والتي جعلتنا (نكذب الكذبة ونصدقها).

أما ثالث فينوي عدم شراء أي شيء حتى يتبين للتجار وهمية الارتفاع، ووجوب البيع بالسعر القديم، وهذا في أحلامه، بل في أحلامنا كلنا!

ولكن كل ذلك يجعلنا على يقين أننا بتنا الآن أمام مرحلة من التصريحات الحكومية اخطر وأصعب من السابق.

ففي السابق كان المسؤول أو الوزير الفلاني يخجل من كثرة التصريحات، ويحاول أن يقيم توازناً في تصريحاته، أي أن يصرح تصريحاً واحداً كاذباً وآخر صادقاً، وهكذا دواليك، أو أن يصرح بثلاثة تصريحات، واحد منها على الأقل صادق، بحيث أن المواطن يسمع الاثنين ويصدقهما، ويكتشف زيف واحد منهما، فيسكت عنه ويقول إن المسؤول صدق في الثاني، أو أن يقول ثبت صدق أحد التصريحات.

أما اليوم فبات المواطن يستمع للتصريحات فقط ليثبت لنفسه أنه مازال بتمام عقله، وأنه مازال لا يصدق كلام المسؤولين ولا تصريحاتهم، وأن مازال إلى الآن مقتنعاً بعدم صدق ولو تصريح واحد من بين مئة تصريح، وأن هذه التصريحات لن تؤمن له قوت يومه، بل إنها أغلب الأحيان تزيد الطين بلة وتساهم في رفع الأسعار.

يا تصريح اليوم بمصاري.. بكرا يبقى ببلاش!

العدد 1104 - 24/4/2024