التحدي الفلسطيني لصفقة القرن

موسى الخطيب:

مع دخول إدارة ترامب البيت الأبيض، شهدت سياسة الولايات المتحدة في المنطقة تحولاً هائلاً، بطرحها مشروعاً لإعادة صياغة الحالة السياسية للمنطقة ودولها بما يعزز المصالح والأهداف الأمريكية، ويؤدي لاحقاً إلى المزيد من فكّ العزلة عن الصهاينة و)إسرائيل) وانفتاح علاقاتها وترسيمها مع دول المنطقة، والتقدم بخطوات متسارعة نحو تصفية الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في إطار ما يسمى (صفة العصر).

لكن الانعطافة الكبرى في مجرى الصراع التي حفرتها صفقة القرن هو توطيد أمن الصهاينة على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتجريده مع ثوابته التاريخية في فلسطين.

إن النهج المطروح اقتصادياً هو بالنتيجة حل الصراع الفلسطيني- الصهيوني وإزالة كل العوائق التي تعطل الوصول إلى تصفية الحقوق الوطنية لشعب فلسطين. لذلك فتحت حرباً معلنة في مواجهة السياسة الإقليمية النافذة لإيران باعتبارها المصدر الذي يمد شريان الشعب الفلسطيني وتحالفاتها في المنطقة، لذلك حاولت الولايات المتحدة أن توفر لصفقة القرن نوافذ يتنفس منها، فقد وجد من يماشي هذه السياسة ويستجيب لها ويتفاعل مع الخطوات الأمريكية.

إن كل هذا ينبئ بشراسة المعركة وصعوبتها ومخاطر تداعياتها على الوضع العام في المنطقة، الأمر الذي يوفر الأرض للتقاطعات السياسية بين تل أبيب وعدد من العواصم الخليجية، ويعزز الفرص لقيام حلف إقليمي يكون قادراً على مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة وصولاً إلى ممارسة ضغوط غير مسبوقة على الجانب الفلسطيني سياسياً ومالياً، في سياق فرض شروطها وتعتبرها متطلبات ضرورية لإزالة العراقيل المانعة من الجانب الفلسطيني لذلك عمدت واشنطن إلى:

1- إخراج ملف القدس من المفاوضات بالاعتراف بها عاصمة للصهاينة.

2- الاعتراف بشرعية الاستيطان وحق الصهاينة بضم المستوطنات إليها.

3- إخراج ملف اللاجئين وحق العودة من المفاوضات لصالح المشاريع والحلول البديلة.

لقد جاء الرد الفلسطيني عاصفاً، فقد أجمعت كل الفصائل والشرائح الفلسطينية على رفضها بالمطلق، معلنين أنهم ليسوا على استعداد لبيع حقهم الوطني مقابل المليارات من الدولارات.

إن صفقة القرن يعتبرها الشعب الفلسطيني في حالة احتضار سريري، فقد أفشل من قبل كل أشكال التوطين والمشاريع المشبوهة التي تنال من حقه في العودة.

إننا نؤكد وإن كان على الشعب الفلسطيني أن يكون في مقدمة الصفوف لمواجهة هذا الخطر وتطبيقاته ومفاعيله على الأرض الفلسطينية، إلا أنه ليس هو المعني الوحيد بهذا الخطر الداهم، فالخطر والاستهداف يتهددان المنطقة بأسرها، وهذا يعني أن حركات التحرر العربية الوطنية والديمقراطية واليسارية المتضررة من هذا المشروع، معنية هي الأخرى بالانخراط في المعركة ليس من باب التضامن مع الشعب الفلسطيني ومساندته في معركته الوطنية فقط، بل أيضاً من موقع القيام بالدور النضالي المطلوب منها.

العدد 1102 - 03/4/2024