سليم خياطة.. من أعلام اليسار الماركسي
زياد الملاّ:
رأى سليم خياطة النور في 1909 في أمريكا. وكان لسليم خياطة الأب صلات مع شيوعيي أمريكا، وكان ينشط في لجنة (ارفعوا أيديكم عن روسيا السوفيتية).
يعود سليم خياطة إلى طرابلس حيث يعمل الأب في مطبعة، بينما يستقر الابن في دمشق لثلاث سنوات 1929 – 1932 ينال فيها شهادة الحقوق. في تلك الفترة كان على اتصال بفوزي الزعيم وهيكازون بوياجيان وناصر حدّة، وفي كلية الحقوق مع رشاد عيسى.
يشير محمود الأطرش في مذكراته إلى أن سليم خياطة هو الذي أعد ورقة عمل مؤتمر المثقفين الثوريين الذي عقد في زحلة في عام 1934.
ويقول كامل عياد (في لقاء شخصي معه): كان سليم غريب الأطوار، عبوساً، حاد الذكاء، وكان، في الآن ذاته، كثير الاطلاع وذا ثقافة متنوعة.
تعرض للاعتقال مع عدد من الشيوعيين في عام 1934. وأما في أيلول 1939 فقد شنت السلطات الموالية لحكومة فيشي حملة في سورية ولبنان طالت قرابة المئة شيوعي قضوا قرابة سنة ونصف السنة. وتعرض عدد منهم لتعذيب وحشي (من لقاء مع رشاد عيسى) لاسيما نقولا شاوي. وأما سليم خياطة فقد ظل الضابط الجلاد يضربه على الرأس لأنه كان ينبغي إيقاف هذا الدماغ عن التفكير، وحقق الجلاد مبتغاه إذ أخذت تظهر عنده حالات ضياع وأوجاع في دماغه، فاعتزل الحياة لسنوات طويلة. وقد روى لي عليّ خلقي: زرته في داره في طرابلس وحاولت تنشيط ذاكرته ولكن عبثاً، فهو صامت، فتركته وأنا أبكي بمرارة ولكن بعد ثلاث خطوات سمعت صوتاً: يا علي تعال دون أن ينطق بغيرهما.
كان سليم خياطة الشخصية الفكرية الصاعدة، فقد كان ينشط مع كامل عياد وعدد من المثقفين الماركسيين لإنجاح مؤتمر زحلة، ومن جملة ماورد في أهدافه: (… تدخّل الدين في السياسة وفي الدولة هو أساس مصائب بلادنا، فواجبنا أن نسعى لفصلهما فصلاً تاماً ومطلقاً).
برز سليم خياطة وجهاً وطنياً مناهضاً للفاشية وللاستعمار، وكان لجولاته في أوربا والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة ومعرفته اللغتين الإنكليزية والفرنسية أثر في تطوره الفكري بمنظار ماركسي.
من كتبه: (حميات من الغرب) (1933)، و(على أبواب الحرب) (1934)، و(الحبشة المظلومة) (1935).. والمقالات والأبحاث، وآخر أعماله (خاتمة الأولياء).
وصدرت مجلة (الطليعة) سنوات 1935 – 1939 واستقطبت عدداً لابأس به من مثقفي اليسار في سورية ولبنان.
وكان سليم خياطة وكامل عيّاد هما الأكثر نشاطاً في مجال تطوير المجلة سياسياً وثقافياً.