وما زال الوطن يزهر ياسميناً

في مثل كل مرة خرج مودعاً طفلتيه وزوجته، مسافراً، ليكمل مسيرته هو ورفاق السلاح في محاربة الإرهاب الأسود واجتثاثه من ربوع وطننا الحبيب. لم يكن يعلم أنها المرة الأخيرة التي يقبِّل فيها صغيرتيه. أجل، فقد كان مقدراً على هذا الوطن أنه كان في مواجهة ومجابهة أعتى قوى الشر في العالم منذ الأزل، كان يعرف في قرارة نفسه هو وكل جندي في هذا الوطن أنه مشروع شهادة. كيف لا وهو ابن هذه الأرض، رضع عنفوانها وشموخها، تنفس هواءها ولعب في ظلال زيتونها، استمدّ منها وجوده، فحفظ لها الجميل، وردّه بسرعة، بسرعة كبيرة، وبطريقته وأسلوبه. فقد وهبها أغلى ما يملك: روحه ودمه، لتنعم بحريتها من رجس هذا الإرهاب الأسود.

إنه الشهيد عبدالكريم الياسين، ابن برلهين، هذه القرية الصغيرة التي علّمت أبنائها أن حب الوطن والتضحية في سبيله فوق كل اعتبار، وقدّمت أكثر من عشرين من أبنائها ما بين شهيد ومفقود، عسكريين ومدنيين، كان عبد الكريم منهم وليس آخرهم. وقد عانى أهلها ما عانوا من مخلّفات هذا الإرهاب الأسود.

ولد الشهيد عبد الكريم العبود الياسين في قرية برلهين عام 1990، أنهى خدمته الإلزامية سنة 2010 ثم استدعي لخدمة الاحتياط منذ أقل من سنة.

متزوج وله طفلتان: (الكبرى أربع سنوات، والصغرى سنة واحدة).

في صبيحة 9/6/2019 وفي إحدى معارك ريف حماة في مجابهة الإرهاب الأسود كان على موعد مع الشهادة، رافعاً راية الوطن لتبقى خفاقة. فطوبى لمن مات ليحيا الوطن!

المجد والخلود للشهيد عبد الكريم، ولكل شهداء الوطن، والصبر والسلوان لأهله وذويه.

العدد 1102 - 03/4/2024