تخفيف الضغط النفسي عن طلابنا
ولاء العنيد:
يقول المثل الشعبي (أبواب مغلقة وهموم مفرقة) للتعبير عن عدم وجود أحد بلا هموم ومشاكل، ولكنها مختبئة خلف الأبواب الموصدة، وواحدة من هذه الهموم المعلنة أن يكون في البيت طالب شهادة ثانوية أو تعليم أساسي.
أن يكون طالب شهادة ثانوية بفرعيها الأدبي و العلمي، وحتى طالب شهادة التعليم الأساسي، يعني حالة استنفار عام في أرجاء المنزل، لتهيئة كل الظروف المواتية والمساعدة لدراسته، من هدوء وعدم إزعاج، إلى توفير بدائل إنارة عند انقطاع الكهرباء، وكل ما يلزم من أمور مادية يلزم وجودها في سبيل نجاح الطالب بشكل جيد داخل المنزل، إضافة إلى سلسلة من الدورات التعليمية منها اليومي والمكثف وصولاً إلى الجلسات الامتحانية التي تنظمها المعاهد، لتمدّ الطالب بوجبة دسمة وسريعة من المعلومات التي يُتوقع أن تأتي في الامتحان بعد نهاية العام الدراسي الذي كان محفوفاً بالاهتمام بطلاب التاسع و البكالوريا على وجه التحديد، فهم على حد تعبير الشارع السوري في مرحلة تحديد لمصير ومستقبل حياتهم القادمة.
وهنا تكمن المعضلة: طلاب في مقتبل العمر أصبح همّهم الأول والأخير تحصيل العلامات ونيل الدرجات الكافية للنجاح والقبول في الثانوية العامة إن كانوا من طلاب التعليم الأساسي. أما طلاب البكالوريا فمشكلتهم مضاعفة، وتحصيل العلامات أصعب وإن لم يكن الطالب يتابع دراسته بجدّ وتركيز من بداية العام الدراسي فسيصعب عليه النجاح ودخول الجامعة حسب الاختصاص الذي يفضله أكثر. هذا كلّه وضع الطلاب في مواجهة عنيفة مع السنة الدراسية ومع محيطهم من أقرانهم وعائلتهم، ما أصبح يسبب من عدة سنوات ضغطاً نفسياً كبيراً جداً على الطلاب، فمنهم من يصل إلى يوم الامتحان مرهقاً من شدة الدراسة أو في قمة التوتر من رهبة الامتحان التي زُرعت في داخله، أو من تأخير بالمواصلات، أو نسيان بطاقته الامتحانية وغيرها الكثير من ظروف يرضخ تحتها الطالب، فتجعله يصل إلى الامتحان قلقاً وخائفاً ومرتبكاً مما يسبب فشله أحياناً.
ومع تضاعف ضغط الاسرة على الطالب وإصرارهم على دراسته، وخشيتهم من عدم دخوله فرعاً جامعياً جيداً، بنظرهم، ينتقل هذا الشعور إلى الطالب أضعافاً مضاعفة ليزيد عليه عبئه ويشكل ضغطاً نفسياً إضافياً لا ينتهي إلا بعد نجاحه وقبوله في الجامعة.
ولكي نعمل جميعاً في سبيل تحقيق هذا الحلم للطلبة، علينا التعاون من أجل مساعدتهم لتحقيق حلمهم، وتخفيف من الضغط المشكّل عليهم، من خلال محاولة الوزارة قدر الإمكان فرز الطالب في أقرب مركز امتحاني إلى مكان سكنه، بغض النظر عن موقع مدرسته، لتسهيل الطريق عليه ولاختصار المسافة التي سيقطعها بالمواصلات العامة، وهذه الطريقة يمكن ان تخفف من الضغط النفسي الذي قد ينتج من الخوف التأخر على الامتحان بسبب المواصلات وبُعد المركز الامتحاني، إضافة إلى توفير بيئة امتحانية مواتية للطلاب في الامتحان، بلا ضغوط من المراقبين والمشرفين على العملية الامتحانية، وصولاً إلى توعية الأهل بضرورة تقليل حجم الضغط النفسي الذي يتعرض له الطالب، ومحاولة تفهّمه والتخفيف عنه عبر تقدير جهوده المبذولة وتشجيعه وتحفيزه، لا تخويفه من عاقبة عدم نجاحه وفشله والمشكلات التي سترافقه عند إعادة العام الدراسي.
طلابنا اليوم في أمسّ الحاجة إلى تفهّم خوفهم ورغباتهم وتوقهم إلى تحقيق أحلامهم ودخول الفرع الجامعي الذي يريدونه، لا الوصول فقط إلى العلامة الكاملة ليدخل الطب كما تريد أسرته، والتشتت بين ما يريده هو وما تريده عائلته.
إن كنا نرغب في رؤية شباب واثقين بأنفسهم وقادرين على الإبداع، فالأفضل تفهّم حاجاتهم ورغباتهم ومساعدتهم في تحقيقها للحصول على شباب مبدع في جميع المجالات، مبدع بحق وليس حافظاً للمنهاج وبليداً في الإنتاج.