شو عم يصير | (كاسر المعاملات)

مادلين جليس:

بعد (ضرب) النّخوة الذي قمتُ به حينما اقترحت على أحد الأصدقاء المقيم في محافظة أخرى، أن أقوم بدلاً عنه بتقديم أوراقه لمسابقة جامعة حماه، التي أُعلن عنها منذ فترة قريبة، وبعد ما يقارب أسبوعاً على تأمين ورقةٍ من هنا، وتوقيعٍ من هناك، وفلانٌ موجود، وآخر في اجتماع، وثالثٌ في إجازة، وأسئلةٌ لا طائل منها: لمَ لمْ يأتي الشخص بنفسه؟ وما صلة القرابة بينكما؟ وماهذا الفرع العجيب، علماً أنّه فرعٌ من فروع الرياضيات ولا غرابة في ذلك؟

وبعد الاستماع أيضاً إلى أحاديث الموظّفين والموظّفات: (شورح تطبخي اليوم؟)،  و(ليش جوزك ماوصّلك مبارح بالسيارة؟ ما يكون معو حدا تاني؟)، و(كيف تحضير ابنك للبكالوريا؟).

بعد هذه (الدّوّيخة) العجيبة الغريبة، قلت في نفسي: كان الله بعون القادم  من محافظةٍ أخرى لينجز ورقة أو معاملة، فأنا في المحافظة نفسها ولولا أن تكون المعاملة لغيري، لكنت اتّخذت قراراً بعدم إكمالها، (وبلا مسابقة وبلا بطّيخ).

وطبعاً الجميع يعلمون أنّ هذه المعاناة ليست جديدةً، وطالما تحدّث الكثيرون عنها، واشتكوا من صعوبتها، وإلى الآن لم يحدث أيّ تغيير فيها، وكأنّ الكون كلّه قابلٌ للتطوّر والتّجديد إلا دوائرنا ومؤسساتنا الرّسمية، بقيت على حالها منذ مئة عام وربما أكثر أو أقل، ولا يهنأ بال الموظّف إلّا بالتّوقيع (الملكي) على المعاملة أو الورقة.

ألم يحن الوقت لتسريع المعاملات أكثر؟ ولمَ مازالت مؤسساتنا إلى اليوم تتعامل بأقدم الطّرق والأساليب؟ وما الذي تقدّمه بوابة الحكومة الإلكترونية في هذا الشأن، أم أنّ عملها سيبقى مقتصراً على (التّواصل مع المواطنين، وقطاع الأعمال، وضمان تعرّفهم على الخدمات التي تقدّمها الجهات الحكومية، وشروط تقديمها، لضمان تقديم هذه الخدمات بالشّكل المناسب) بحسب تصريحات حكوميّة سابقة؟

بطء المعاملات وصعوبة تنفيذها ذكّرني بمشكلة (الواتس أب) التي ظهرت منذ أيّام، واضطرار كثيرين إلى استخدام برنامج (كاسر بروكسي) لتشغيله بشكل أسرع وضمان عمله كما كان وأفضل من السابق، و(كاسر بروكسي) هو خادم يعمل وسيطاً للطلبات بين العميل الذي يطلب مصادر من خوادم أخرى، فهو ببساطة جهاز كومبيوتر آخر يعمل موزعاً تُعالَج الطلبات من خلاله.

هذا البرنامج جعلني أتيقّن أن مؤسساتنا ودوائرنا الحكومية باتت بحاجة إلى تفعيل برنامج (كاسر المعاملة)، فما إن يفتح الموظّف المعاملة، حتى تطير في يده وتنجز بسرعة أسرع من رسالة (الواتس أب).

أليس الموظّف أيضاً يعمل وسيطاً للعميل، وتجري معالجة الطّلبات من خلاله؟؟!

العدد 1104 - 24/4/2024