شو عم يصير | شرّ الأسعار ينتصر على وعود الوزير

مادلين جليس:

يبدو أن مسلسل الأسعار الذي بدأ مع بداية شهر رمضان لم يقرّر الانتهاء وأبى إلّا أن يكون عملاً مكتملاً بثلاثين حلقة، مثله مثل المسلسلات الرمضانية، غير أنّ القائمين على هذا العمل لم يتمكّنوا من كتابة السّيناريو والحوار بشكلٍ لافت أكثر من ذلك، وتركوا عدد الحلقات مفتوحاً إلى ما شاء الله.

فالسيناريو الذي بدأ من تذكير وزير التجار الداخلية وحماية المستهلك للتّجار بأنّ شهر رمضان شهر الرحمة والخير، لم يكتمل عندما وعد التّجارُ الوزيرَ بعدم رفع الأسعار، بل دخل عنصر المفاجأة إلى العمل حينما لم يلتزم التّجار بوعودهم الخلّبية، وتتالت الارتفاعات، ولا حسيب ولا رقيب.

وليكتمل عنصر المفاجأة في العمل فإن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق وضعت لمساتها المميزة على السيناريو، فأعلنت منذ أيّام عبر صفحتها الرسمية على الفيسبوك أسفها لعدم التزام التجار بوعودهم، وقد جاء في المشهد (عفواً في المنشور): نأسف لعدم التزام كل من السادة مستوردي المواد الغذائية أصحاب منتجات سيدي هشام والفخامة والشعلان والناصر وزرزور بما وعدوا أبناء شعبنا بعدم زيادة أسعار منتجاتهم خلال شهر رمضان المبارك.

لكنها حذفت المنشور لاحقاً (وهنا عنصر مفاجأة أقوى) ثم وضعت أكثر من منشور آخر تعلن فيه استجابة الشركات لتخفيض الأسعار، وهذا ما يعني أن منشورات الفيسبوك أخافت وأرهبت التّجار أكثر من الكلام وأكثر من الوعود.

على الرغم من أنّ صلاحيات الوزارة تمتد لما بعد الأسف بكثير، وتصل إلى حد فرض تخفيض الأسعار ومعاقبة المخالفين وعدم الملتزمين بالقرارات الصادرة عنها.

في الحلقة التي تليها نقرأ خبراً في إحدى الصحف المحليّة بتشديد الوزير على ضرورة التزام التجّار بوعودهم، ووجوب بيع جميع المواد بسعر قريب من سعر التكلفة ليتلمس المواطن ما وعد به، لافتاً إلى أنّ الحكومة ستتخذ جميع الإجراءات الرادعة بحق كل من يقوم ببيع مواد مجهولة أو مغشوشة أو فاسدة، أو يقوم برفع الأسعار، وسوف تطبّق العقوبات المستحقة عليه.

ولكن الخوف الأكبر من أن تكون الحلقة الأخيرة على عكس ما نتوقّع، وينتهي المسلسل بمفاجأة من العيار الثقيل، فبعد أن كانت الحلقة الأولى بدعوة وزير التجارة للتجار أن يخفضوا الأسعار، تكون الحلقة الأخيرة بأن يقوم التجار بفرض زيادة الأسعار، وانتصار (الشرّ) على الخير، على عكس ما تعوّدنا في المسلسلات السورية!

وإن كانت هذه النهاية مفاجأة وغير متوقّعة، إلا أن القائمين على العمل يصرّون على أن يكون واقعياً إلى حد كبير، وأن يلامس هموم المواطن والشارع السوري، و(هموم التاجر أيضاً).

العدد 1102 - 03/4/2024