سيادة سورية ووحدتها تعني رفض التقسيم

تضمنت بيانات الدول الثلاث الضامنة للقاءات آستانا الاثنا عشر، منذ انطلاقها، التأكيد على سيادة سورية، ووحدة أراضيها، والحفاظ على خيارات شعبها في اختيار نظامه السياسي وقادته، لكن هذا التأكيد لم يمنع تركيا، في العام الماضي، من اجتياح عفرين ومنبج، وتشريد المواطنين السوريين من أكراد وعرب، وارتكاب المجازر التي ذهب ضحيتها الأبرياء، والتنسيق بعد ذلك مع حلفائها الأمريكيين لإنشاء ما يسمى بالمنطقة الآمنة، تحت الإدارة المباشرة لأردوغان وأدواته الإرهابية التي شاركت في قتل السوريين في جميع المناطق، واتخذت من مدينة إدلب مقراً يروّع سكان هذه المدينة، ويهدد المناطق المجاورة بقذائفه وصواريخه التي تحصد أرواح المواطنين.

المواطنون السوريون، رغم إصدارهم على الحلول السياسية، وضرورة إنجاح المساعي الدولية لإنهاء الأزمة السورية بالطرق السياسية، يتساءلون اليوم عن جدوى أستانا، وجنيف، إذا لم تضمن لبلادهم السيادة ووحدة الأرض.. وعودة الانسجام إلى جميع مكوناتها الاجتماعية والاثنية تحت سلطة الدولة السورية الواحدة، وقوانينها، وعلَمها!؟

وبكلمة أخرى، ما الفائدة من جميع اللقاءات الدولية والمواطن السوري يلمس لمس اليد مظاهر التقسيم في المنطقة الشرقية وشمال حلب؟!

وهل يتوقع الأمريكيون وأردوغان وحلفاؤهم أن تستجيب الدولة السورية لأوهامهم بتقسيم سورية تحت مسميات وشعارات لا تعني إلا حقيقة جليّة للجميع، وهي النيل من السيادة السورية، وإقامة كانتونات تقضي على وحدة البلاد، وتحبط الآمال بعودة الانسجام والألفة بين المكونات السورية.

كتبنا على صفحات (النور) منذ بداية الأزمة، أن الضامن الوحيد لحقوق جميع المواطنين السوريين هو الدستور الديمقراطي الذي يضعه السوريون، والتوافق بين جميع المكونات السياسية والاجتماعية والدينية، ضمن مؤتمر حوار وطني شامل، يستخلص الدروس والعبر مما جرى، ويضع الخطوات العملية لبناء غد سورية الديمقراطي- العلماني، الذي سيضمن أيضاً التطلعات السياسية والاجتماعية للمواطنين السوريين.

وها نحن نكرر هنا: إن طموح أيّ مكون اجتماعي أو اثني إلى تحقيق مصالحه وطموحاته لا يمكن عزله عن طموح جميع المواطنين السوريين، الذين عاشوا معاً خلال مئات السنين.

فلتكُن جنيف.. أو أستانا هنا في دمشق، بحضور الجميع، وليعمل من يحب سورية فعلاً لا قولاً على ترجمة طموحات جميع السوريين إلى غدٍ ديمقراطي.. علماني، معادٍ للهيمنة والاستعمار والصهيونية، ومحقّقاً لحلم طال انتظاره.

العدد 1104 - 24/4/2024