ماذا بقي للمواطن من مقومات الصمود يا حكومة!؟

رمضان إبراهيم:

لا أعتقد أن أشدّ المتشائمين كان يتوقع أن تصل بنا الضائقة إلى ما وصلت إليه، نظراً للتصريحات الحكومية النارية التي دقت ناقوس الخطر، وتظاهرت بإغلاق الباب الذي يربطنا بالغرب اقتصادياً، فيما فتحت بوابات الشرق على مصرعيها أمام الاقتصاديين من مستوردين ومصدرين!

لكن، وللحقيقة والإنصاف، فإن الحكومة متمثلة بفريقها الاقتصادي بقيت عاجزة وفاشلة في الدخول إلى الأسواق الشرقية الفقيرة بالأساس، والتي هي بحاجة إلى من يسندها، فكيف لها أن تسند أحداً؟!

تفاءل البعض بإمكانية حدوث خرق إعجازي ينتشل الليرة السورية، وبالتالي الاقتصاد المهترئ الذي أرهقه تصاعد الدولار إلى مستويات غير مسبوقة في ظل الأزمة والحصار، فأين هي خطط الحكومة وفريقها الاقتصادي التائه بين الشرق والغرب، والغارق في عجزه عن النهوض بواقعنا الاقتصادي، وانتشال ما بقي لدينا مما كانوا يسمّونه مقومات الصمود؟!

إن ما شهدناه خلال سنوات الأزمة من تذبذب في الأسعار، وارتفاع سعر الصرف، وعجز الدولة عن تأمين حاجة السوق وعن لجم حالات الاحتكار والتهريب وفرض الأتاوات على الحواجز قد فاقم الواقع سوءاً، وأوصله إلى مستويات لا يمكن تخيّلها، ما جعلنا ننهض من حفرة لنقع في حفرة غيرها، فمن الزيادات المتكررة لأسعار العديد من السلع، وكان أهمها ارتفاع أسعار المحروقات في الوقت الذي تفاوتت الكميات وتعددت الآراء والاجتهادات في سبيل ضبطها، إلى أن وصلنا إلى اختراع البطاقة الذكية على اعتبارها أحد أشكال الحل، لكن وعلى الرغم من توزيع البطاقات الذكية على أعداد كبيرة جداً من المواطنين في معظم المحافظات إلا أن الكميات المتاحة كانت محدودة ومحدودة جداً أحياناً، ما أوقع المواطن في إرباكات عديدة وفتح الأبواب مشرعة لبيع البطاقات لمن لا يحتاجها. فعلى سبيل المثال خصصت للبعض ممن يجاورون الكورنيش البحري بطاقة بكمية (٢٠٠ لتر) للتدفئة شتاء، وفي الوقت ذاته خصصت لآخرين في جرود الدريكيش وجرود القدموس والشيخ بدر وجرود صافيتا الكميات نفسها (٢٠٠ لتر)، وهذا غير منطقي على الإطلاق، إذ وصل لتر المازوت مؤخراً إلى حوالي ٣٠٠ ليرة!

وغير بعيد عن المازوت حدثت اختناقات عديدة في مادة الغاز، وباتت المادة مصدر رزق لبعض ضعاف النفوس، فوصلت سعر الأسطوانة إلى ٦٠٠٠ ليرة في بعض المناطق، إلى أن انتبهوا أخيراً إلى تشميل الغاز بالبطاقة الذكية على أساس أنها الحل الذهبي للقضاء على فوضى التوزيع.

ومؤخراً حدثت مشكلة البنزين، فقد باتت أرتال السيارات على محطات الوقود تشكل أحياناً عائقاً يغلق العديد من الشوارع والطرقات وصولاً إلى نوم أصحاب السيارات أو السائقين في سياراتهم وسط جو ماطر وبارد، ولكن للحاجة مبرراتها كما يقال.

لقد وجد بعض المعنيين في تخفيض الكميات المخصصة للسيارات العاملة على البنزين حلاً للأزمة، دون النظر في واقع من يعملون على سيارات التكسي العامة التي تشكل مصدر رزق وحيد للعائلة، ومن جهة ثانية فتح الباب على مصراعيه للسوق السوداء، إذ وصل سعر لتر البنزين في بعض مناطق طرطوس إلى ٨٠٠ ليرة سورية، فهل يعقل هذا!؟

أخيراً

العديد من المواطنين الذين التقيناهم رفضوا إعطاء أسمائهم عند الكلام، على اعتبار أن الحكومة لا تكترث لآراء المواطن أبداً، وآخر همها هو ما يعانيه هذا المواطن، في حين عبر البعض عن غضبهم وعدم رضاهم مما يجري متسائلاً عن كيفية تأمين أولاد المسؤولين وأقاربهم البنزين اللازم لمشاويرهم ومتابعة تجارتهم وأشياء أخرى.

ونحن نقول: ماذا بقي للمواطن من مقوّمات الصمود يا حكومة، في ظل الغلاء الفاحش في كل المجالات!؟

العدد 1102 - 03/4/2024