بيان الحزب الشيوعي السوري الموحد: الشعب السوري قادر على استعادة جميع أراضيه المحتلة.. المجد لصانعي الجلاء

يا جماهير شعبنا السوري العظيم

في كل عام… ومنذ أكثر من سبعين عاماً، تجددون ارتباطكم الشديد بقيم السلام والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.. هذه القيم التي خطّها لكم أبطال ميسلون وقائدهم يوسف العظمة، وقادة الثورة السورية الكبرى، وعلى رأسهم سلطان باشا الأطرش، وإبراهيم هنانو، والشيخ محمد الأشمر، والشيخ صالح العلي، وأحمد مريود وغيرهم.

إنها قيم الجلاء العظيم الذي صنعه هؤلاء الثوار بدمائهم الطاهرة، وسجّلوا اسم سورية في طليعة الدول التي انتزعت استقلالها نتيجة التضحيات التي قدمها الشعب  السوري، ونتيجة الجمع الخلاق بين مختلف وسائل الكفاح المسلح والنضال السياسي، ويسجَّل لقيادة الثورة السورية مأثرة تحقيق الوحدة الوطنية بين مختلف مكونات الشعب السوري، ونبذ الطائفية وإعلاء شأن العلمانية، فقد رفعت هذه الثورة الشعار الخالد: (الدين لله والوطن للجميع) الذي تردَّد صداه في مختلف أنحاء العالم، كما برهنت للقاصي والداني أن الحق إذا لم تدعمه القوة يصبح نوعاً من الاستجداء السياسي، وبالعكس فإن القوة إذا لم تستند إلى الحق والعدالة فإنها تتحول إلى قوة غاشمة.

ومنذ أن نالت سورية استقلالها في عام ،1946 أصبحت هدفاً للطامعين، ومحطّ أنظار القوى الدولية التي وجدت في الجمهورية الجديدة ميزات استراتيجية هامة تقوّي مواقع الدول التي يمكن أن تتحكم بمصيرها. وقد أصبحت سورية بعد مدّة قصيرة، مسرحاً لصراعات الاستعمار الإنكليزي والفرنسي والأمريكي، ومحاولات لجعلها نقطة انطلاق للسيطرة على البلدان العربية المجاورة.

وقد اشتدت أطماع أمريكا في سورية لاحقاً، فحاكت العشرات من المؤامرات لإسقاط الحكم الوطني آنذاك، وفشلت بفضل صلابة الشعب السوري ورفضه الانصياع لسياسات الهيمنة، الأمر الذي يذكِّرنا بالأسلوب الأمريكي الحالي الذي اتبع تجاه سورية منذ الأحداث الأخيرة حتى الآن.

واستمراراً لهذه السياسات، شنّت العصابات الإرهابية وتركيا والسعودية وإسرائيل، إضافة إلى ما يزيد عن 250 ألف مرتزق أصولي من 88 دولة، أشرس هجومٍ مسلّح على سورية، ولكنها فشلت في تحقيق هدفها. واليوم عادت إلى شنّ حرب اقتصادية عليها، إضافة إلى محاولة تقسيمها.

إن جميع المؤشرات تدلل على أن الضغوط السياسية والعسكرية والاقتصادية على سورية سوف تستمر.. بل ربما تزداد، وتأخذ أشكالاً أكثر حدّة، فهدف الإمبريالية الأمريكية والتحالف الدولي المعادي لبلادنا، هو منعها من استثمار إنجازات جيشنا الوطني، واستعادته لمعظم الأرض السورية، والمضي في محاولات التقسيم، وعرقلة أيّ جهد دولي لجل الأزمة السورية عبر الطرق السياسية، وإطالة أمد العمليات العسكرية، لاستنزاف مقدرات سورية العسكرية والاقتصادية، وهذا ما يستوجب دعم صمود شعبنا، وجيشنا، واقتصادنا، في مواجهة هذا الخطر الجدّيّ.

المهمة الوطنية الملحّة أمام الحكومة السورية اليوم هي ضمان صمود الشعب السوري، واستمراره في دعم جيشه الوطني، لمقاومة السلوك العدواني للإمبريالية الأمريكية والصهيونية رغم ظروف الحصار التي  تعاني منها البلاد، ولا يجوز هنا التذرع بالعقوبات لتهميش مطالب الجماهير الشعبية المعيشية والاجتماعية، بل يجب العمل الجدّي لتخفيف انعكاس الحصار والضغوط على حياة المواطنين السوريين، وهذا يمكن إنجازه بتشكيل خلية حكومية مصغّرة، تتمتع بالصلاحيات الكاملة لضمان وصول المواد الأساسية المتاحة حالياً إلى أوسع الفئات الشعبية دون سماسرة، ودون ارتفاع جنوني بأسعارها، ودون فساد أو اقتناصٍ للفرص، واستخدام أدوات الحكومة لتسهيل حصول المواطنين على احتياجاتهم المعيشية، والمنتجين على مستلزمات الإنتاج.

إن شعبنا الذي صمد وضحّى وقاوم يستحق الاهتمام المناسب – بتأمين مستلزمات الحياة الكريمة من غذاء ودواء وكهرباء ومشتقات نفطية، وزيادة الرواتب والأجور، ومكافحة الفساد ومعاقبة الفاسدين والعابثين بقوت الشعب من محتكرين ومستغلّين وتجّار حروب وأزمات.

لقد تمكّن شعبنا وجيشنا من إسقاط المخططات الإجرامية وتحرير معظم الأراضي التي احتلها الغزاة، وسيواصل تحريرها بالكامل وفق المنهج الذي سارت عليه الثورة السورية الكبرى عام ،1925 وسيعمل على التعجيل بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لإزالة آثار الحرب العدوانية، وليبقى علم الحرية والجلاء مرفرفاً فوق ربوع سورية الوطنية، التقدمية، الديمقراطية، العلمانية.

إن الشعب السوري الذي صنع الجلاء، وأسس دولته الوطنية، قادر على صنع جلاء آخر، واستعادة جميع أراضيه المحتلة من قبل الكيان الصهيوني والاحتلال التركي، باستخدام جميع الوسائل، وبضمنها الردع العسكري.

عاشت ذكرى الجلاء المجيد

المجد لشهداء سورية

والشفاء لجرحاها

دمشق في 16/4/2019

المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري الموحد

العدد 1104 - 24/4/2024