من كلمة رابطة النساء السوريات في حفل تأبين الراحلة المناضلة عزة الحر مروّة
زينب نبوّه:
تتقدم رابطة النساء السوريات بأحر التعازي القلبية من الرفيقات العزيزات في لجنة حقوق المرأة اللبنانية ورئيستها الرفيقة العزيزة عائدة نصر الله، ومن الرفيقات في المركز الإقليمي العربي للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي ومنسقته المناضلة القدوة ليندا مطر، ومن عائلة الفقيدة الراحلة وزوجها الكريم سحبان مروة وابنتيها لارا وفرح، بوفاة المأسوف عليها الرفيقة المناضلة عزة الحر مروّة.
وجه إنساني يغيب في حلكة الظلام، بعد أن أضاءت جوانب مظلمة من حياة الكثيرات والكثيرين من حولها، وقد ترك رحيلها صدى واسعاً ومؤلماً لكل من عرفها.
هي الذاكرة والرمز والإنسانة الرائعة، انخرطت في عملية النضال الثوري في لجنة حقوق المرأة اللبنانية في منتصف السبعينيات، والتحقت بسلك التعليم، ومن خلال عملها التربوي نسجت علاقات إنسانية حميمة مع من حولها من المعلمات والطالبات، وقد تميزت مسيرتها في المجال التربوي بتمسّكها بالقيم والمبادئ التي حملتها، وهي المنحدرة من عائلة وطنية ساعدتها على الترفع فوق صراع التعصب الديني والفئوي، فانتقلت من مربّية متفانية إلى مناضلة باسلة.
كانت لجنة حقوق المرأة ميدانها الأرحب والأحب، ومع رفيقاتها في اللجنة، خاضت النضال، كانت تدرك وإياهن أن أماً جاهلة تنتج أمة جاهلة، فكان التركيز على قضايا التربية والتعليم والوعي، وجهود كبيرة بذلت من لجنة حقوق المرأة مع الوزارات المختصة بهذه القضية: أهمية مكافحة الأمية في أوساط النساء، ونالت القسط الأوفر من عمل اللجنة على الساحة اللبنانية، إضافة إلى الجائزة الثقافية السنوية التي ناضلت اللجنة طويلاً بالتعاون مع وزارة التربية لمكافأة المتفوقين من التلاميذ والطلاب لتشجيعهم على العلم والمتابعة، وكانت هذه الجائزة ومازالت موضع اهتمام كبير في الأوساط التربوية والثقافية في لبنان.
ساهمت عزة بنشاط في الحركة النسائية العربية والعالمية بعد أن اختارتها اللجنة ممثلة عن المنطقة العربية في الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في برلين، وقد جرى تكريمها في مناسبات مختلفة من المراكز والهيئات الثقافية تقديراً لنشاطها في المجال التربوي والثقافي. وكانت من الناشطات في اللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضد المرأة، مع الرفيقة المناضلة د. ماري الدبس.
كثيرون من الرفيقات والرفاق المخضرمين يقدّرونها ويحيّون أعمالها الوطنية والإنسانية، وأكثر ما كان يؤرقها أحداث الحرب الأهلية في لبنان والممارسات الوحشية للعدو الصهيوني الإسرائيلي واحتلاله لقسم من أراضي لبنان، وتعود بالذاكرة إلى رفيقاتها بطلات المقاومة الوطنية اللبنانية في الحزب الشيوعي اللبناني ولجنة حقوق المرأة اللبنانية – الرفيقات الشهيدات لولا عبود، ويسار مروّة، ووفاء نور الدين، والأسيرة البطلة سهى بشارة، وكثيرات غيرهن، وكانت ترى أن أهم العوامل في إيقاظ الوعي الوطني والسياسي على الساحة العربية والعالمية هو نضال الشعب الفلسطيني متأثرة بعمق بهذا النضال البطولي المستمر.
لم تتخلَّ يوماً عن حلمها الأممي في انتصار الشعوب المضطهدة، هذا الحلم الذي كان يراودها منذ شبابها بعد أن اندمجت بعمق بالنضال، فكان كل شيء بالنسبة لها هو الهدف والوسيلة والملاذ والأمل، وكانت ترى أن المساواة بين الرجل والمرأة أساس الإصلاح والعدالة الاجتماعية، وأنه لا شك أن تغييراً نسبياً في أوضاع المرأة في العالم قد حصل، إنما ليس بالقدر المطلوب الذي تستحقه، وأن التشريعات والاتفاقات الدولية المتعلقة بالمرأة مازالت ممهورة بطابع التحفظات في البلدان العربية التي تفرغ الاتفاقيات الدولية من محتواها، وخاصة قانون الأحوال الشخصية وقانون الجنسية وغيرها. تقول الراحلة عزة:
صحيح أننا لم نغير آراء الناس كلهم، ولكن ما حصل في هذا المجال غير قليل، وإن استمرار النضال بأشكال مناسبة ومتواترة هو الحل.
بأي عاطفة صادقة وحب كبير كانت تتحدث عن زوجها سحبان حسين مروة، الإنسان الرائع والمناضل بصمت ومثال التضحية ونكران الذات، والذي رافقها في مسيرتها النضالية والصحية الطويلة، وكان خير معين لها، وكذلك ابنتاها لارا وفرح، كانت تحمل لهما كل الحب والذكرى الطيبة، ولأولادهما. كانت أماً مثالية رائعة بحبها وحنانها.
عرفتها منذ سنوات طويلة قبل أن أغادر لبنان، كانت رفيقة وصديقة مخلصة ووفية إلى أبعد الحدود، ومناضلة متفانية من أجل تحقيق الأهداف المطلوبة، وبقينا على صلة شبه دائمة في الاجتماعات المشتركة مع لجنة حقوق المرأة اللبنانية المنظمة التوءم لرابطة النساء السوريات، وفي نشاط المركز الإقليمي العربي ومؤتمرات الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي.
تحية الوفاء من القلب لها.