شوعم يصير | عشّيني بطاطا
مادلين جليس:
صديقتي التي سهرت عدّة ليال إلى جانب ابنها تدرّسه مادة اللغة العربية، وتعيد على مسامعه قواعدها، وأخطائها الشائعة، لم تستطع أن تحتمل العلامة الامتحانية السيئة التي جاء بها، والتي وضعته موضع الرّاسبين، وعلى الرغم من النتيجة الواضحة، إلا أن صديقتي لم تقبل بالأمر الواقع، فأعادت قراءة الورقة مرّات ومرّات لتكتشف أن ابنها لم يخطئ بالمعنى الحرفي للخطأ، فما اعتبرته مدرّسة المادة خطأ كان بسببها، حين أعطتهم خلال الدرس قاعدة مغلوطة، وحفظها الطلاب على غلطها، ثم جاءت ذات المعلومة في الامتحان، ليكتب الطلاب كلهم الإجابة نفسها، ويخطئوا الخطأ نفسه، لكن المدرسة هذه المرة انتبهت لخطئها وقامت بتصحيح كل الأخطاء على أوراق الطلاب.
صديقتي لم تكتف باكتشاف الخطأ بل اتّجهت إلى مديرة المدرسة تشكو لها الظلم الذي لحق بابنها، والتي وعدتها بالتدخل الإيجابي والسريع في المشكلة لحلها بعد أن تبيّنت أن الخطأ ذاته متكرر لدى جميع الطلاب.
وبالفعل فلم تخلف المدير بوعدها، وبعد محاولات كثيرة مع مدرسة المادة، وبعد أخذ ورد، استطاعت المديرة إقناع المدرسة بإضافة بضع العلامات القليلة للطلاب، فارتفعت علامه ابن صديقتي قليلاً، وعادت المديرة مبتهجة لتبشّر الأم أنه وبسبب تدخلها «الإيجابي» والسريع فقد ارتفعت علامة ابنها، لتكتشف الأم أن العلامة حقاً ارتفعت، لكن ابنها مازال راسبا في مادة اللغة العربية.
وأنا بدوري لم أستطع إلا مقارنة التدخل الإيجابي لمديرة المدرسة بالتدخل الإيجابي الذي قامت به وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبر مؤسسة السورية للتجارة حينما قامت بطرح مادة البطاطا بسعر مخفّض «على حدّ قولها» بـ 300 ليرة، بينما تباع في الأسواق بـ 350 و400 ليرة.
لا أدري أين يكمن التدخل الإيجابي حقاً، وأسعار البطاطا مازالت مرتفعة، ومازالت دون قدرة المواطن على شرائها، على الرغم من تصريح مدير عام السورية للتجارة أن صالات السورية وسياراتها شهدت إقبالاً على مادة البطاطا لرخص سعرها.
أظن أنه وبعد هذا التدخل «الإيجابي» وبعد هذا الرخص الكبير أصبح بإمكان المواطن السوري أكل البطاطا ليل نهار والغناء بالفم الملآن «غديني خبز وزيتون.. وعشّيني بطاطا».