وفاة الأم المناضلة محمودة المقت
توفيت يوم الجمعة فجراً في 22/3/2019 الأم المناضلة محمودة عليّ المقت »أم فخري«، ابنة سورية، جبل العرب، قرية امتان، وابنة الجولان السوري المحتل، قرية مجدل شمس، عن عمرِ ثمانينَ عاماً، وهي سليلةُ بيتٍ عامر بالإيمانِ والوطنيةِ. غادرتنا وحملت معها هموم وعذابات وطنٍ وزمنٍ من الحسرةِ واللوعة من الفراقِ والأسر والغربةِ، غادرتنا جسداً وبقيت في قلوبنا تنبض حباً وحياة على دربِ الكرامةِ والإباء، وفي ذاكرتنا عزاً ومجداً ونبلاً وعطاء.
كانت الفقيدة تزوجت من الشيخ سليمان المقت أبو فخري في عام 1960 في مجدل شمس، وفي عام ،1967 بعدما استولى الاحتلال الإسرائيلي على الجولان، انقطعت أخبارها عن أهلها، وقد اختارت أسرتها النضال والمقاومة وقد دخل جميع أفراد أسرتها سجون الاحتلال. فقد اعتقل زوجها عدة مرات خلال عقد السبعينيات، وعندما شبّ أبناؤها حاملين بصدورهم وبعقولهم نبل هذه الأرض وشموخ وطنيتها انتسب للحركة الوطنية المقاومة للمشروع الإسرائيلي الشابان بشر وصدقي، واعتُقلا، وقد حكمت عليهما المحكمة مدة (27) عاماً نتيجة قيامهم بالعمل النضالي ورفضهم الوقوف للحاكم الصهيوني، وقد أنشدا النشيد الوطني السوري(حماة الديار) في قاعة المحكمة وذلك بعد القرار سيئ السمعة لإسرائيل بضم الجولان عام 1981.
وقد أمضى الشقيقان بشر وصدقي فترة الحكم الجائر كاملةً، وكانت هذه الأم العظيمة تزورهما في كل السجون التي نُقلا إليها، خلال 27 سنة، من سجن النقب إلى الجلبوع إلى مختلف المعتقلات التي (استضافت) الأسيرين، وقد عانت ما عانت من انتظار وسهر وقهر، وغالباً ما كانت زياراتها تواجه بالرفض.
وقد تعرّض منزل الراحلة وأسرة بيتها للاقتحام من قبل العدو أكثر من (130) مرة، وفي كل مرة كان العدو يقوم بكل أشكال الاستفزاز والقهر والتنكيل. وخلال 52 سنة من بقائها في مجدل شمس حُرمت من رؤية أهلها وإخوتها، وقد توفي في هذه الفترة الطويلة كل من والدها ووالدتها وأخويها، وقد زارت الوطن الأم في عام 2009 لمدة ثلاثة أيام، بعد تدخل جهات دولية، ونتيجة مرضها سُمح لها بالمجيء إلى أرض الوطن، عادت بعدئذٍ إلى مجدل شمس.
رسالة شكر على تعزية من أبناء الجولان المحتل
وقد وجّه أبناء الجولان العربي السوري المحتل – مجدل شمس- رسالة شكر على تعزية، ومما جاء فيها:
أهلَنا الكرام في وطننا الغالي سورية الحبيبة
أهلَنا الأوفياء في جولاننا العربي السوري المحتل، عزّتنا وعزوتنا، قدوتنا وعنوان كرامتنا ووطنيتنا النبيلة.
أهلنا الأوفياء في فلسطين ولبنان والأردن ومصر وتونس والجزائر واليمن وكل العالم العربي، وفي المغتربات وخاصةً جالياتنا السورية المحترمة.
نتقدم إليكم، عائلة وأقارب وأسرة المرحومةِ أم فخري محمودة المقت، بجزيل الشكرِ والمحبةِ والاحترام والوفاء، على حُسنِ عزائكم وصدقِ مشاعركم النبيلةِ الفياضةِ بوفاةِ فقيدتنا الغاليةِ، ونسأل الله أن يُجزيكم خيراً ويوفيكم عنا عظيم الإحسان، لقد غمرتمونا بهذه الكلمات الحقيقيةِ الصادقةِ عن فقيدتنا الراحلة أم فخري محمودة المقت، وبشهادتكم ستبقى في ذاكرة وطنٍ وأمةٍ وقضية، فهي الأم المناضلة، الصامدةٍ الصابرة، أم الأسرى، أم المناضلين، خنساء سورية وفلسطين، رفيقةَ وأخت أمهات الأسرى والشهداء، سنديانة الوطن والقضية.
الشكر والتقدير لكل الفعاليات السياسية والاجتماعية في محافظات سورية الحبيبة في دمشق والقنيطرة واللاذقية وطرطوس وحلب والحسكة وحمص وحماه الذين عاشوا معنا لحظات حزننا على فراق الوالدة الغالية، فلهم جميعاً الشكر والامتنان.
خالص شكرنا للدكتور فيصل مقداد نائب وزير الخارجية، وللدكتور بشار الجعفري سفير سورية الشجاع إلى العالم، ونائبه السيد منذر منذر، ابن الجولان الشهم، وللأخت الغالية هدى جمال عبد الناصر، على مواساتنا فراق فقيدتنا الغالية.
في حضرةِ الغياب وهيبةِ وجلال الموت فإن التحيةِ والوفاء من آلاف الأسرى الأبطال الفلسطينيين والعرب وذويهم الى روح أم فخري هي وسام شرف فوق جبين المناضلين، مكلل بالمجد والغار على أيدي أمهات الصبر وعبق سنوات انتظارهم.
كنتِ يا أمنا وستظلّين الأغلى والأجمل والأنقى والأبهى في حياتنا الخاصة، ومع أسرتنا الصغيرة، الزوج الوفي المناضل أبو فخري سليمان المقت، وشقيقه ابن البيت البار المناضل الوطني سعيد المقت، ومع أبنائك فخري ونهال، بشر وصدقي، علي وفرج، ميمونه وميمون، ومع أحفادك اينما كانوا، قربك وفي الأسر، في الغربة وخلف حدود الوطن، فأنتِ جوهرتنا الثمينة وفرحنا المستمر والسر الكامن لقوة صبركِ وسمو صمتك، وقداسة عطائكِ وتواضعكِ، والإيثار الرفيع في نفسيّتك واخلاقك النبيلة.
لروحكِ الطاهرة رحمة واسعة، ولذكراكِ، يا أمّ فخري، المجد ينحني.