إنسانيتنا أسمى من كل أموال العالم

غزل حسين المصطفى :

هل من المعقول أن يكون المال من مقومات الشخصية والحياة الاجتماعية؟

هو السؤال الذي استوقفني كثيراً، فقد كانت العديد من المعطيات الواقعية تفرض نفسها لتكون حاضرة في الإجابة، بينما كنت أشدّ يد القيم والمبادئ التي نشأتُ عليها حتى تكون في المقدمة وتكون واجهة الجواب، لكن الواقعية المفرطة التي تتّسم بها عناصر السؤال جعلت الحقيقة بارزة… فالغلبة لدوامة الواقع التي تعتصرنا!!

إذاً، كيف يكون المال أساسياً في حياتنا بوصفنا جيل الشباب وعماد المستقبل؟

وبصيغة أصح، كيف لا يكون المال محور غالبية الأشياء التي نقوم بها!؟

فقد بات الوقود الوحيد الذي ستسير عليه أيامنا. سيقول قائل: منذ زمن بعيد باتت الماديات ضرورية للحياة بمختلف منعطفاتها.

أقول: نعم، ولكن اليوم الحاجات تزداد والحياة تُصبح أكثر تعقيداً وصعوبة على الجميع، فما بالك ونحن جيل نؤسس ونبني الدعائم، حتى الأهل اليوم في وصف مجمل قد لا يستطيعون تأمين كل المتطلبات الأساسية لنا، فكيف سيساعدوننا فيما بعد من حاجات الجامعة إلى المصروف الذي تتشعب تفاصيله، ومستقبل نحن بحاجة إلى رصف الخطوة الأولى منه، وهناك على الضفة الثانية من الواقع يلوح لنا طيف البطالة، تنافسية سوق العمل، وهذا ما قد يدفعنا للتركيز أكثر، ففطرياً نحن نسعى لتأمين حاجاتنا على اختلافها، والمال هو مفتاح كل الأبواب.

ولكن، كلامي هذا لا يُعتبر تبريراً لمن طغى عليه الجشع والطمع وبات المال مقيـاسه الشخصيّ في الحياة مُتبعاً المبدأ القائل: (معك قرش.. بتسوى قرش)!

هناك ثوابت ومبادئ، برأيي، لا يمكن أن تتغير، ففكرة الإنسانية مثلاً أو النزاهة لا يمكن أن نساوم عليها أمام مقابل مادي مهما كبُرَ ومهما بلغت بنا قسوة الظروف.

تجرفنا الحياة، تُمزقنا الوقائع، ولكنها لا تهزمنا.. بل علينا أن نقاوم بشجاعة لنحتفظ بما تبقى لنا من إنسانية وعنفوان تجعلنا أسمى من كل أموال البنوك وخزائن العالم.

العدد 1104 - 24/4/2024