ثمــاني سـنوات عـلى المأساة.. السوريون يتطلعون إلى مستقبلهم الديمقراطي.. العلماني
بعد مرور سنوات ثماني على مأساة السوريين، وبعد المجازر الوحشية التي تعرّضوا لها على أيدي أشرس التنظيمات الإرهابية الفاشية التي تستّرت بستار الدين الحنيف، وبعد أن تعرضوا للقتل والتهجير والهجرة والبطالة والفقر، وبعد أن حول الحصار الاقتصادي الظالم حياتهم إلى معاناة مستمرة، لاحت أمامهم آفاق النهاية، بفضل صمودهم وتضحياتهم وإنجازات جيشهم الوطني وحلفائه، واستعادته لمعظم الأرض السورية من سيطرة الإرهابيين.
واجه المواطنون السوريون خلال هذه السنوات عذابات أليمة، ومصائب كارثية أدمت قلوبهم، وتسببت بأضرار وخسائر يصعب تعويضها، لكنهم رغم ذلك وقفوا على المتاريس خلف جيشهم، في مواجهة الغزو الفاشي لبلادهم، وأفشلوا ما خططت له الإمبريالية الأمريكية وحلفاؤها في الغرب، وأصدقاؤها في مشيخات النفط، وسلطان تركيا أردوغان الذين دبروا سيناريو الشرق الجديد المستباح أمريكياً وصهيونياً، والساكت عن الحقوق المشروعة للشعوب بالحرية والديمقراطية الحقيقية والتقدم، وهم ينظرون اليوم إلى جهود التسوية السياسية لأزمة بلادهم رغم العراقيل والعقبات التي تضعها الإدارة الأمريكية وحلفاؤها أمام هذه الجهود.
التحالف الدولي الداعم للإرهاب، والمعادي لسورية وشعبها، ورغم فشل مشروعه الهدام، واندحار أدواته الفاشية، مازال يأمل في تحقيق مكاسب على الأرض عبر الضغوط العسكرية والسياسية والاقتصادية، ومازال يناور.. ويتجاهل الحقائق والدروس والعبر التي أفرزتها عملية الغزو الفاشلة لسورية، وهذا ما يظهر جلياً في وضع الشروط.. وفرض الإرادات أمام أي جهد سلمي لحل الأزمة عبر الطرق السياسية، كما يظهر في التصريحات والبيانات الرسمية، وهذا ما عبّر عنه البيان الذي صدر عن الخارجية الأمريكية منذ أيام، بمشاركة فرنسا وبريطانيا، بمناسبة مرور ثماني سنوات على الأزمة السورية.
لقد اكتفى هذا البيان بتعداد مآسي الشعب السوري، وخسائره البشرية والمادية، وأسهب في وصف عذابات المواطنين السوريين، لكن لم يتطرق ولو بكلمة واحدة إلى غزو الإرهابيين، ولا إلى الدعم العسكري والمالي واللوجستي الذي أغدقه على التنظيمات الإرهابية، ولا إلى مسؤولية هذا التحالف المباشرة عن المجازر التي تعرض لها شعبنا، والخراب الذي حل ببلادنا. إنه بيان استفزازي يثير الغثيان، لكنه من جانب آخر يدلل على مضيّ الإدارة الأمريكية وحلفائها، ورثة الاستعمار القديم، في مخططاتها لدعم الإرهابيين واستخداماتهم (كمبشرين وأطهار) في أماكن أخرى بعد دحرهم من سورية.
السوريون الذين واجهوا الإرهابيين ملتفّين حول جيشهم الوطني، وضحّوا بالدم والولد والمال وشدّوا على البطون، يطمحون اليوم إلى المستقبل الآتي، ويريدونه محقِّقاً لمصالح مكوناتهم السياسية والاجتماعية والإثنية، معبّراً عن إرادتهم بالحياة الحرة الكريمة، في ظل مجتمع ديمقراطي حقيقي.. علماني، تقدمي، مستقبل يأخذ بالحسبان دروس الأزمة، وأسبابها، والعوامل التي أدت إلى استغلالها خارجياً وداخلياً، ومحاسبة من استغلها، ومن ساهم عن قصد أو جهل أو تساهل في تأجيج الاقتتال بين أبناء الشعب الواحد، ومن ساند الإرهاب.. وسوغه وشجع على انتشاره تحت مسميات جهادية، ومن كدّس المليارات في الخارج والداخل على حساب الدم السوري، ومن وضع رأسه في الرمال، متجاهلاً طموحات الشعب ومطالبه الملحة.
إن توافق السوريين عبر حوارهم الوطني الشامل على هذا المستقبل هو الطريق الآمن لتحقيقه، وهذا ما نتطلع إليه وكلنا ثقة بقدرات شعبنا على صنع المستحيل.
بعد سنوات ثماني، سنبقى على المتاريس خلف جيشنا الوطني الباسل، لدحر ما تبقى من بؤر إرهابية، ومن أجل تحرير عفرين من الاحتلال التركي، ومن أجل انتصار سورية الواحدة أرضاً وشعباً.