كي نـكســر الحصــار
كتب المحرر الاقتصادي:
منذ بداية الأزمة والغزو الإرهابي لبلادنا وتداعياتهما السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كنا- وكان غيرنا أيضاً- ندلي بدلونا في سبيل تحصين بلادنا من الداخل، من باب الاقتصاد، وانعكاساته على الأوضاع الاجتماعية والإنسانية لجماهير الشعب السوري، واضعين أمام أعيننا حقيقة أثبتتها الحروب والأزمات في التاريخ قديماً وحديثاً، وهي أن ما لم يحققه العدو بالعدوان الخارجي المسلح، يجب ألا يحققه من خلال استغلاله لأخطاء السياسات الاقتصادية والاجتماعية في الداخل، التي تؤثر على صمود الشعب، وذلك لأن صمود الشعب يُعَدّ، بجميع المقاييس، عامل الصمود الأساسي في الحروب والنزاعات المسلحة.
بعد محاولات الحكومات المتعاقبة معالجة ارتفاع أسعار القطع الأجنبي بأسلوب (السوق) والعرض والطلب، وفشل هذه المعالجات، آن لنا- ونحن نواجه حصاراً جائراً- أن نكسر هذا الحصار ومفاعيله الاقتصادية والنقدية، لا بطرح ملايين الدولارات في الأسواق المالية، بل بالتركيز فعلاً لا قولاً على الحوامل الرئيسية لاستقرار أسعار الليرة السورية، وهي بالدرجة الأولى إعادة عجلة الإنتاج الصناعي إلى الدوران، وبذل الجهود لضمان المحاصيل الزراعية الرئيسية، فدون هاتين الخطوتين ستبقى جميع حلولنا قاصرة، وتصبّ في مصلحة السماسرة والمضاربين.
من دون الصناعة والزراعة لا يمكن ازدهار التجارة، ولا زيادة إيرادات الخزينة العامة، ولا قطع أجنبياً يغذّي احتياطّينا الاستراتيجي، ولا فرص عمل لمئات ألوف العاطلين، ولا تقليص لمعدلات الفقر، ولا تلبية جدية لمتطلّبات صمود جماهير الشعب السوري.
لقد تراجعت في جميع الدول التي خاضت الحروب النشاطات الاقتصادية الهامشية والريعية، وأوقفت آلية السوق الحر.. وخبا بريق البورصات، وتوقف العمل بقوانين المزاحمة الحرة، والتجارة الحرة، وتم الاعتماد على الصناعة الوطنية والزراعة، بهدف تقليص المستوردات وتوفير القطع الأجنبي. أزيلوا جميع القوانين والقرارات التي تعيق إنهاض الصناعة السورية بشقّيها العام والخاص، وسهِّلوا حصول المنتجين على القروض المصرفية، وقدِّموا جميع التسهيلات لمزارعينا، وخاصة المازوت والسماد بأسعار مدعومة، وكافِحوا الفساد الذي يُجهض أي خطوة تصبّ في دعم الاقتصاد الوطني، وسترون بأمّ أعينكم تألّق الليرة السورية مقابل عملات الكون بأسره.