خيبـــــة أمـل

المحامية أمل يونس:

بعد ستة وستين عاماً جاء تعديل قانون الأحوال الشخصية السوري رقم 53 لعام 1953بخيبة أمل كبيرة لكل من أمِل بالأفضل للأسرة السورية:

تضمن القانون رقم 4 لعام 2019 تعديلاً لقانون الأحوال الشخصية المعمول به في سورية مع تعديلاته، وقد جاء هذا التعديل بعد عدة محاولات للتعديل، وبعد ترقب وانتظار لتعديلات تنصف الأسرة السورية وتسير بها للأمام، ولكن للأسف جاءت التعديلات دون الطموح ودون الأمل المرجو منها، فبقيت المواد التمييزية والمجحفة بحق المرأة دون أن يطولها التعديل السريع، وإن طالها لم يلغ التمييز مع زرع بذور طائفية حصادها مرّ.

التعديل أسقط حضانة الحاضنة بعد سن الخامسة للمحضون إن كانت غير مسلمة، وهذا تمييز ضد المرأة وتكريس لمبدأ طائفي، مع إسقاط الحضانة عنها في حال زواجها من أجنبي عن المحضون، إّلا إذا رأى القاضي غير ذلك.

القانون أعطى الحق للأب بتزويج ابنته القاصر والبالغة أو الاعتراض على زواجها بما يحرمها الحق الكامل في اختيار شريك حياتها. وأوجب موافقة الولي أو إعطائه الحق بالاعتراض على الزواج، وهو قد يكون الولي بالعصبة، وفي حالات قد يكون ابنها الذي ربّته.

القانون الجديد عدّل سن الزواج إلى 18 سنة ولم يمنع الزواج قبل هذا السن مع السماح نصاً بزواج الأطفال بسن 15 سنة بموافقة الولي، هل تزيد موافقة الولي من نضج المراهق/ة وتمنحهما القدرة على تحمل المسؤولية بالحياة الزوجية؟!

نص أيضاً على حرمان الولد من حق الاختيار بين أبويه بسن 15 سنة، فكيف يستطيع هذا الطفل الزواج ولا يحق له الاختيار بين أبويه؟ أيهما بحاجة للعقل والبلوغ أكثر؟

في الشهادة أكبر تمييز بحق المرأة: (شهود العقد في الزواج شاهدين رجلين أو رجل وامرأتين مسلمين بالغين) وفي هذا إهدار لأهلية المرأة ومكانتها وكرامتها، وهي الوزيرة والقاضية والمحامية والإنسانة، وشهادتها ناقصة.

مع فرض مبدأ يرسخ تمييزاً طائفياً (مسلمين) يرفضه الدستور وشرعة حقوق الإنسان ليعود القانون ويقول بجواز أن يكون دين الشاهد من دين الزوجة، وهذا تناقض كبير يدل على التسرع بالتعديل ويرسخ التمييز.

وأبقى التعديل على موضوع التحريم بالرضاعة، فهل يعقل أن نحلل ونحرم على الرضاعة في هذا العصر؟؟

وابقى على مؤسسة المهر (قيمة مادية سلعية) بدل النص على أسس للحياة الزوجية المشتركة باقتسام للأموال المشتركة وبقاء الحاضنة/ن مع المحضون في منزل الزوجية.

وبالنفقة لم يعر المشرع أهمية لقيمة عمل المرأة داخل المنزل وخارجه ولم يقدر حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقها.

مع فرض قيود على عملها واحتياجها للأذن من الزوج للعمل، وجعل الأمومة مأجورة حين نص على أجرة الرضاعة للأم.

أوجب على الزوجة السفر مع زوجها تحت مظلة الطاعة.

أبقى على تعدد الزوجات بمساحاته الواسعة.

مع الإجحاف الكبير بحق المرأة بالميراث حيث للذكر مثل حظ الأنثيين في الكثير من الحالات.

أبقى على مؤسسة التحكيم الشرعي وهي شرعاً للإصلاح وليست للتفريق.

تساؤل ما الغاية من جعل المخالعة فسخاً لا طلاقاً؟

مع لحظ التناقض مع قانون البينات م60 منه بعدم جواز سماع شهادة الأصل للفرع أو عليه ولا الفرع للأصل أو عليه.

كي لا نرى النصف الفارغ فقط، فهناك الكثير من التعديلات حملت جوانبا إيجابية مهمة:

كإعطاء الأب الحق بالحضانة بعد الأم والولاية للأم بعد انتهاء العصبات من الذكور، وموافقة أحد الطرفين للآخر في حال السفر بالولد أو المحضون مع الوصية الواجبة لأبناء البنت والابن، والبصمة الوراثية لإثبات النسب، والتعويض في حال الضرر من العدول عن الخطبة، وواجب اطلاع المتعاقدين على إمكانية وضع شروط بالعقد، مع ملاحظة جدا هامة أنها لا تفرض التزاماً قانونياً على المتعهد بتنفيذ التزامه بل تعطي حقاً للطرف الآخر بطلب الفسخ، وإلغاء موافقة شعبة التجنيد على الزواج لغير المتطوعين.

أخيراً، كنا بحاجة إلى قانون أسرة عصري يلغي النظرة الدونية إلى المرأة ويعطي حقوقاً لأطراف الأسرة السورية بما يرفع من سويتها ويمكنها من امتلاك مكانة تشريعية عالية وعلى ارض الواقع تليق بها وبما يتماشى مع مكانة المرأة السورية وحقوق الإنسان والطفل بظروف نحن بأمس الحاجة فيها للتقدم في التشريع والواقع.

العدد 1104 - 24/4/2024