التصـدير رهـان المستقبــل

د. عامر خربوطلي:

رغم ظروف الأزمة وتداعياتها الاقتصادية، فإن الصادرات الصناعية سجلت ما نسبته 7,44% من إجمالي الصادرات السورية كان نصيب القطاع الخاص حوالي 91% وذلك عام 2016.

فما هو الحافز الذي يجعل أصحاب الأعمال في بلدنا يتوجهون إلى نشاط التصدير وما يكتنفه من صعوبات وجهود مكثفة؟

متى يتم اتخاذ القرار بالتوجه نحو التسويق الخارجي؟ وما هي الخطوات التي ينبغي اتخاذها بهذا الاتجاه؟ وهل يمكن أن تنجح أساليب التسويق المحلية التقليدية في اختراق الأسواق الخارجية؟

يقول الاقتصادي السويدي (ليندر) في نظريته المعروفة إن أي بلد لا يستطيع أن يحقق ميزة نسبية في إنتاج سلعة صناعية إذا لم تكن هذه السلعة مطلوبة للسوق المحلية، فالطلب المحلي على السلعة شرط ضروري وإن لم يكن كافياً لتحقيق هذه الميزة، وعلى ذلك فإن التجارة الدولية تكون أكثر كثافة بين البلاد التي تتشابه هياكل الطلب فيها، وإذا كان الدخل الفردي هو المحدد الأساسي للطلب، فإن التجارة الدولية تكون أكثر نشاطاً بين الدول التي يتقارب مستوى الدخل الفردي فيها.

ويؤكد (ليندر) في نظريته أن أهم محددات الصادرات المحتملة لأي بلد هو حجم الطلب المحلي عليها، إذ لكي يصبح في مقدور أي بلد أن يصدر سلعة معينة للخارج لابد أن يكون هناك طلب محلي عليها (عند الأسعار السائدة في السوق الدولي لهذه السلع) ولابد أن يكون إنتاجه منها على الأقل في المراحل الأولى موجهاً لهذا الطلب، أما سبب ذلك فيعود للأمور الثلاثة التالية:

أن القرار الخاص بإنتاج سلعة معينة يبنى عادةً على حاجات اقتصادية وهدف تحقيق الربح، وغالباً ما يستجيب رجل الأعمال لفرص الربح التي يكون على علم كبير بها وهي الحاجة المحلية، وبعد اكتمال معرفته يمد نشاطه إلى السوق الخارجية.

إذا كان الاختراع ضرورياً لإنتاج السلع فإن وجود الطلب المحلي ضروري حتى يستطيع المنتج متابعة إنتاجه والانطلاق نحو الأسواق الخارجية، أي أن حاجات البلد ذاته هي (أمّ الاختراع).

إن تعديل أو تطوير أي سلعة لا يمكن أن يتحقق إلا في السوق المحلية أولاً حيث الظروف أكثر مواتاة، أما إذا تحقق ذلك في السوق الخارجية فستكون التكاليف أكبر.

ورغم اختلاف وجهات النظر حول آراء (ليندر) في هذا المجال إلا أنه يمكن القول إن وجود فائض إنتاجي وطلب محلي فعّال وتعرض المنتجين المحليين للمنافسة الخارجية بالداخل (أي أمام السلع المستوردة)، جميعها تشكل نقطة الانطلاق نحو النجاح في عملية التصدير.

فالتصدير ليس مجرد توجه بهدف الربح أو المنفعة، بل هو المخرج الوحيد من ضيق حجم السوق المحلية وضعف الطلب فيها وحالة الجمود والركود التي تعاني منها في أوقات كثيرة، وهو بذلك يضمن تحقيق درجة أكبر من اقتصاديات التشغيل بحيث تكون الطاقة الإنتاجية متوجهة للسوق الخارجية بنسبة تتراوح بين (40-60%) مقابل (60-40%) للسوق المحلية، وبذلك يتم ضمان استمرارية العمل الإنتاجي والاستفادة من اقتصاديات الحجم الكبير وضمان عدم تعطيل الطاقات الإنتاجية وتسريح العمالة المستخدمة.

ويمكن تلخيص الفوائد التي يمكن الحصول عليها من التصدير بما يلي:

تعويض أي تباطؤ في نمو السوق المحلية وتراجع الطلب الداخلي وضعف القوة الشرائية.

استغلال أي طاقة إنتاجية غير مستخدمة.

تحسين الربحية من خلال المساهمة في التكاليف الثابتة.

تأمين قطع أجنبي بصورة مستمرة لتلبية احتياجات العمل الإنتاجي واستيراد المواد الأولية والمعدات.

المساعدة في تحسين نوعية ومواصفات وجودة المنتجات المحلية واستخدام التقانات الحديثة.

أما على صعيد الاقتصاد الوطني فالتصدير يساهم في تنويع مصادر الدخل الوطني وإيجاد المزيد من فرص العمل وتأمين موارد مستمرة من القطع الأجنبي وتحقيق التوازن للميزان التجاري وميزان المدفوعات.

إن التركيز على خلق منتج تصديري تنافسي سيساهم في كسر حلقة الركود التضخمي ويحسن من قيمة الليرة السورية وفي خفض نسب البطالة، وجميعها من تداعيات الأزمة.

العدد 1102 - 03/4/2024