يحتفلون بها.. يذكّرونها بالمزيد من الألم
إيناس ونوس:
لمن ينفضن كل صباحٍ عن كواهلن آثار تعب الأمس ليجددن النُّهوض..
لمن يكفكفن دموعهن ليبرزن ابتسامتهن بوجه عائلاتهن وأطفالهن وهن يعدنهم بتلبية احتياجاتهم ذات يوم..
للواتي يقضين طوال النَّهار متراصّاتٍ في صفوف الانتظار الطويل للحصول على جرة غاز أو ليتر مازوت أو رغيف خبز، ويعُدن بخفّي حنين، ينؤن بثقل حملهن الفارغ، والأكثر ثقلاً منه أملهن بنيل مبتغاهن في الغد البعيد..
لأولئك اللواتي يركضن بحثاً عن عملٍ هنا وعملٍ هناك، بعد أن يذهبن مع أطفالهن في رحلتهم اليومية للمدارس، وقبل أن ينهضن بأعباء تأمين مستلزمات البيت، وهن مبتسماتٍ لأنهن استطعن الحصول على بعض احتياجاته بعد عناء ومشقة…
للائي يفتشن في القمامة عمّا يسدُّ رمق صغارهن.. أو يمددن أياديهن مقابل فتاتٍ من بعض المارَّة..
وأولئك اللواتي يتشاجرن مع الباعة لأنهن لا يملكن ثمن خضارٍ كانت بالأمس سهلة المنال.. وفي النهاية يهيئن لعوائلهن طعاماً (من قريبو) لأنهن لا يملكن ثمنها…
لتلك المرأة / الفتاة التي بات بحثها عن عملٍ يعرّضها للابتزاز المادي أو الجسدي، في ظلّ انتشار الدَّعارة وسرقة الأعضاء البشرية وتردِّي الأخلاق..
لمن تجعلها ضحكة من عيون طفلها تتناسى همومها وأوجاع روحها، ويتملكها القلق على هذا الطفل ومستقبله، وتتساءل في سرّها: لماذا أتيتُ به إلى هذه الحياة؟
لمن وجدت نفسها وحيدةً في مهب رياح الحياة التي لا تشبه أيّة حياة، بعد أن خسرت الزوج والابن والبيت والحلم..
للواتي يتمُّ استخدامهن يومياً وفي كل مناسبة واجهةً ووسيلةً للعبور، أو لإنشاد الشعارات الطنّانة التي تتحدث عن مكانة المرأة وأهميتها..
للمرأة السورية التي هي كل هؤلاء بشخصٍ واحدٍ.. الفتاة التي لا تزال تحلم برغم الصُّعوبات التي تعيشها.. الزَّوجة التي فقدت زوجها ولم تراكم بعدُ ذكرياتٍ كانت تحلم أن ترويها لأبنائها وأحفادها.. ربّة البيت الذي ضاع بلحظةٍ وذهبت معه كل الأحلام وكأنه لم يكن أساساً.. الأم الصَّخرة التي لا تفتأ تزرع الأمل في أرواح صغارها وهي أول من افتقده.. المعلمة والطبيبة والمهندسة والعاملة والتي تبحث عن عمل كما بحثها عن الحب والحياة والأمان والاستقرار..
لكل هؤلاء… هل ستمنحكن الوردة الحمراء في اليوم العالمي للمرأة بعضاً مما ترغبنه؟! أم أن لونها الأحمر سيُذكّركن بالمزيد من الألم والانتظار والتعب… والقليل من الأمل في بلادٍ لم يعد للحياة فيها أي معنى!؟