إجماع دولي على بدء العملية السياسية.. ماذا عن الحصار والعقوبات؟

يكاد لا يخلو تصريح لممثلي الدول المتدخلة بالشأن السوري من ضرورة التركيز على العملية السياسية في سورية، وضرورة إطلاقها، خاصة بعد النجاحات التي أحرزتها القوات المسلحة السورية في مواجهتها لغزو الإرهابيين، وسيطرتها على معظم الأراضي السورية، وحصار ما تبقى من الإرهابيين في بؤرتين تخضعان اليوم لتجاذبات إقليمية ودولية، مع ترجيح باستبعاد (حرب) شاملة لحل هذه المسألة، وضرورة سيطرة الدولة على جميع المناطق السورية.

ويبدو أن تفاهماً قد تحقق بشأن تشكيل اللجنة الدستورية، فأطراف (أستانا) توقعت إعلان القائمة النهائية قبل اجتماع قادة الدول الضامنة في 15/2/2019، كذلك يجري إبراز القرار الدولي 2254 كأساس لبدء العملية السياسية.

لكن أحداً من ممثلي التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، والذي كان السند الداعم للغزو الذي تعرضت له بلادنا خلال السنوات الثماني الماضية، لم يسأل نفسه أي عملية سياسية تتوقعونها في سورية في ظل حصار اقتصادي جائر، أجبر المواطنين على تذوق الأمرّين لتأمين خبزهم ودوائهم ودفئهم؟!

ماذا عن تشديد قوانين العقوبات ضد الدولة السورية ومؤسساتها وشركاتها من الداخل والخارج؟!

إنها حرب سياسية واقتصادية لا تقل شراسة وخسّة عن محاولات الغزو الفاشي الإرهابي والعدواني العسكري المباشر، وأما تأثيرها على حياة المواطنين السوريين، فلا تقل ألماً ومعاناة عن تداعيات الحرب العسكرية، فكيف ستبدو مطالبة أصدقاء أمريكا وحلفائها بالعملية السياسية وهم يشنون حروبهم الاقتصادية على سورية منذ 8 سنوات؟!

الحلول السياسية كما أكدنا على صفحات (النور) هي الطريق الآمن لإنهاء الأزمة السورية، وهي الوسيلة المجدية لخلق التوافق بين جميع مكونات الشعب السوري، لكن هذه الحلول السياسية تحتاج إلى مناخ يساعد على نجاحها في تحقيق آمال المواطنين السوريين، لا مناخات الحصار والضغوط السياسية والاقتصادية وقوانين العقوبات التي تذكِّرنا بعقود الإذعان التي يرفض شعبنا الخضوع لها.

وحده.. توافق السوريين، بجميع مكوّناتهم، هو الضمان لإنجاح الحل السياسي، وهو الذي سيكسر حصار أعداء سورية، وهو الذي سيضع ملامح سورية الغد، الديمقراطية.. العلمانية.. التقدمية.

العدد 1102 - 03/4/2024