أيّ سياسات تصديرية؟

خاص – “النور”:

السياسات التصديرية في سورية لا تبدو واضحة، وسط غلاء مفاجئ لكثير من السلع المصدرة للخارج، إذ يغدو شراء هذه السلع نفسها عالة على المواطن من دون اكتراث حكومي بالظروف المعيشية الصعبة.

معظم دول العالم تحدد الصادرات وكميتها بعد إشباع حاجات المواطنين، ومن فائض السوق المحلي أولاً، أما في سورية فلا مراعاة للسوق المحلية ولا أخذ بالحسبان للقدرة الشرائية المتدنية.

لقد أصبح الوضع الحالي مغرياً للتجار، فهم يجدون مصدراً أعلى للربح من خلال التصدير، إذ يجري التصدير بسعر أعلى وبعملات أجنبية، كما يغري الدولة أيضاً ليس بالسماح به فقط بل وتشجيعه في كثير من الأحيان، لأنه يؤثر إيجابياً على ميزانها التجاري.

المشكلة لدينا تكمن في عدم التوازن بين احتياجات السوق المحلية والسماح بالصادرات التي تحقق أرباحاً للمصدرين، وهذا الأمر يتكرر في كل سلعة تصدر.. بما في ذلك الأغنام والمنتجات الزراعية المختلفة، وكل ذلك يجري بسبب سوء التخطيط.

من المعروف ومن حيث المبدأ أن التصدير له انعكاس إيجابي على الميزان التجاري، ومن ثم على الاقتصاد بشكل عام، خاصة في تحسين سعر الصرف المنخفض لليرة السورية، والأرباح التي يجنيها المصدّرون في أي قطاع من شأنها أن تشجع آخرين ليعملوا ويزيدوا الإنتاج والإيرادات. إلا أن اتحاد المصدرين يقوم بممارسة الضغط على القرار الحكومي بالسماح للمصدرين بالقيام بالتصدير بغض النظر عن وضع التوازن في السوق المحلية، وقدرة المواطن المتدنية والمحدود على الشراء.

وفي ظل أزمة عمرها أكثر من ثماني سنوات أثرت سلباً على الإنتاج بشكل عام من جهة، وعلى القدرات الإنتاجية أو التنبؤ بها بشكل دقيق من جهة أخرى، إن كل ذلك كان يفترض بالحكومة أن تكون لديها سياسة شاملة للتصدير، لكن هذه السياسة غير موجودة، ويقتصر موقفها على اتخاذ إجراءات تنفّذ من وقت إلى آخر بصورة انتقائية.

إن أي قرار اقتصادي له منعكسات إيجابية من ناحية معينة ومنعكسات سلبية في ناحية أخرى، فالتصدير هو تلبية لحاجة أسواق خارجية، وهو تصريف إما لجزء من الإنتاج أو فائض منه بهدف توفير القطع اللازم لتلبية الاحتياجات من الاستيراد. أما ما تفقده الحكومة فهو البحث في صنع القرار الذي يحقق التوازن، وربما يكمن الحل الآني في هذه المرحلة بضرورة تخصيص كميات للسوق المحلية من المواد المصدرة كشرط للسماح بتصديرها.

بيد أن الحكومة تبدو لا مبالية تجاه حل المعضلات القائمة في البلاد، والتي تمس حياة المواطن وكرامته، والتي وجدت أصلاً من أجل معالجتها، وإلا ما جدوى أن تكون لدينا حكومة؟

العدد 1102 - 03/4/2024