الكتاب جسر يصل ما بين الحضارات

الكتاب جسر يصل ما بين الحضارات
إيمان أحمد ونوس
يقول المؤرخ صموئيل بوفندروف:
(إن الثقافة تتيح لكل فرد الدخول في حياة إنسانية حقاً، وذلك ليس بفضل عون الآخرين له وأعمالهم واكتشافاتهم وحسب، وإنما بفعل الجهد والتفكير الشخصيين اللذين يبذلهما).
في هذا القول اختزال عميق لمعنى وقيمة الثقافة في حياة الإنسان، خاصة الثقافة الذاتية المعتمدة البحث والتنقيب والاكتشاف الأساسي لقيمة المعرفة، والتي يجب ألّا تلغيها كل وسائل انتشار المعرفة على تعدد مصادرها كالإنترنت وغير ذلك.
ومفيد القول، بأن مشكلة إنسان هذا العصر تتمثل في فقدانه للثقافة الحقيقية، التي هي روح الإنسانية والحضارة على مرّ الأزمان، وذلك لأسباب عدة منها الذاتي ومنها الموضوعي.
ويتضح الذاتي من خلال هجرة الكتاب إلى الكمبيوتر والإنترنت في أفضل الأحوال، أو حياة اللامبالاة التي يعيشها الفرد في ظروف اقتصادية قاسية، أو مجمل المغريات المحيطة بإنسان هذا العصر الاستهلاكي والمستلب.
أما الموضوعي، فيتمثل في مجمل الظروف المفروضة على نوعية الكتب والموضوعات التي تتناولها بحيث باتت إما استنساخاً لمعارف وآراء سابقة، أو تعتمد التسطيح والإغراء في آنٍ معاً فلا تضيف للمعرفة ما يستحق العناء، وهذا بتصوري مسؤولية الكتّاب والمثقفين الذين إما أنهم لاذوا بذواتهم منعزلين عن الفعل الثقافي والفكري المؤثّر بسبب الرقابة المتشددة والتابعة لأنظمة يهمُّها بقاء وجودها بعيداً عن الانفتاح المعرفي الثقافي والسياسي الذي من الممكن أن يدفع لحراك مجتمعي يهدد سلطتها وسيطرتها على العقول، أو أن البعض الآخر ممن يعتبرون أنفسهم مثقفين ومفكرين يقدّمون أعمالهم بلبوس الغموض والمصطلحات النخبوية، فلا يجدون القرّاء المناسبين لأناهم المتضخمة، ويرمون باللائمة على ضعف الوعي الثقافي والمعرفي عند القارئ، أو على دور النشر التي لا تروّج لهم بشكل فعّال.
ولا يمكننا أيضاً أن نغفل غلاء ثمن الكتاب، والمعارض التي تتغنى بأهميته وفي الوقت ذاته تُقام في مناطق بعيدة عن المدينة، إضافة إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي تُقصي الناس عن كل ما يمكن أن يرتقي بسويتها المعرفية والثقافية لأجل الركض الدائم وراء تأمين لقمة العيش والمأوى.
يقول مدير عام اليونسكو السابق كويشيرو ماتسورا:( إن الكتاب نافذة مشرّعة على تنوع الثقافات، وجسر يصل الحضارات فيما بينها، إنه في آنٍ معاً منبع حوار وتفهم ووسيلة تبادل لا يُحدان بزمان أو مكان).

العدد 1102 - 03/4/2024