الصحافة.. وحق الحصول على المعلومات

بدأت أشك أننا عندما ننجز خطوة إلى الأمام نفكر في العودة عشرات إلى الخلف.. وأتساءل هل ذلك مرتبط بطبيعة المصريين؟ لن أخفيكم سراً أن قلقاً بدأ يساورني عندما عاد الحديث مرة أخرى عن حرية الصحافة ووضعها في الدستور الجديد، والشكل الذي ينبغي أن تكون عليه الصحافة في مجتمعنا الجديد.

الدستور يقول إن حرية الصحافة مكفولة، ولكنني أسأل هل حرية الصحافة تحتاج فقط إلى سن قوانين، أم تحتاج أيضاً إلى آليات لتطبيقها؟ وبداية نتفق على أن هناك فرقاً كبيراً بين الحرية والفوضى الإعلامية، فحرية الصحافة ضرورة ووسيلة لعرض الأمور بكل حيادية، خاصة إذا توافرت المعلومات المساعدة لبناء موضوعات مهنية جادة وصادقة.

أتمنى لو أن النخبة داخل التأسيسية تضع نصاً دستورياً جديداً مفصلاً يوضح لنا كيف تكون تلك الحرية مكفولة، وبضمن ذلك الحق في الحصول على المعلومات ليستطيع الصحفي من خلال مهنته أن يكتب بحرية ويكون مفيداً لشعبه وقرائه، بدلاً من أن يكتب تقريراً مبنياً على التكهنات أو الاستنتاجات.

توفر المعلومة للصحفي ضرورة أن يقدمها خدمة للمواطن الذي له حق المعرفة.. وبعدئذ تستطيع الدولة محاسبته إذا أخطأ.. فمتى نعالج المشكلة من جذورها؟!

أتمنى لو أن هناك نصاً دستورياً يفصل الصحافة القومية عن الدولة أو الحكومة. بمعنى أدق، حتى يلتزم الصحافي الحياد ويستفيد منه القارئ والمواطن. وسأضرب مثالاً بسيطاً شبكة الـ(بي بي سي)، وهي ملك للحكومة البريطانية، تنقل المعلومات بشفافية وتجريد للمواطنين، كما تنتقد العائلة المالكة، لدرجة أنها طالبت مؤخراً بإسقاط نظام الملكية، الذي يكلف بريطانيا الكثير وهي في غنى عنه!

إذا استطعنا إنجاز ذلك، فنحن نسير على الخطا الصحيحة، فكل دولة محترمة ديمقراطية لابد أن يكون لديها جهاز إعلامي قوي يدافع عن المواطن، فهو حجر الزاوية لكل مجتمع سليم، ويعد درعاً وصمام الأمان بالنسبة إلى المواطن.

لقد قمنا بثورة من أجل الحرية! من أجل ثلاثة مبادئ هي عيش، حرية وعدالة وكرامة اجتماعية، وهي أيضاً المبادئ التي ركز عليها الرئيس في برنامجه الانتخابي.. كنا نشكو في العصر الماضي من قمع الحريات، وكنا نقاتل من أجل حرية مهنتنا.. فمتى ستتمتع مهنتنا بالحرية والشفافية الحقيقية التي نحلم بها؟!

عن الأهرام

العدد 1102 - 03/4/2024