الحوار الداخلي بداية الطريق إلى الحل السياسي للأزمة السورية

ليس جديداً أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين، لا يزالون يتبعون سياسة المكيالين. وأظهرت هذه السياسة أن المتضرر الأول هو شعوب المنطقة. وفي الوقت الذي عقدت الرباعية في القاهرة اجتماعها الأول، وغابت عنه السعودية لأسباب أصبحت معروفة، فهي ترفض الحل السياسي للأزمة السورية، وتدفع باتجاه التصعيد خدمة لأهداف الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة من جهة، ولا تريد لإيران أن تقوم بأي دور في حل الأزمة السورية من جهة ثانية. وفي هذا الوقت حشدت خمس وعشرون دولة من حلف (الناتو) أساطيلها في الخليج العربي في مضيق هرمز تحسباً لمواجهة إيران، ومن مختلف الأسلحة (سفن حربية، حاملات طائرات، كاسحات ألغام، غواصات). ونفذت إسرائيل أيضاً مناورات عسكرية على الحدود مع سورية.

إن المجموعة الإقليمية والدولية المعادية لسورية، تبذل كل جهد لمزيد من التصعيد، وذلك بتزويد الجماعات المسلحة بأسلحة متطورة، وفرض عقوبات جديدة على الشعب السوري، وعرقلة أي خطوة باتجاه إقامة الحوار الوطني. وقرر مثلاً (أعداء الشعب السوري) في لاهاي مزيداً من العقوبات ضد سورية.

إن الثنائي الخليجي (قطر والسعودية)، أظهر للعالم حقده الدفين وكشَّر عن أنيابه، معتقداً أنه بماله ونفطه سيتبوّأ زعامة المنطقة، مضافاً إليه تركيا الحليف العثماني الجديد. ولم يتوقف هذا الثنائي عن التشكيك في نجاح مهمة الأخضر الإبراهيمي والضغط عليه لتحديد فترة زمنية لمهمته، والإعلان عن فشله كسبق سياسي إقليمي ينال عليه مكافأة أمريكية وثناءً أوربياً، كما عمل قبل فترة بكل طاقته لإفشال مهمة كوفي عنان. ويضاف إلى محور الشر (البرلمان العربي) الذي توجه أيضاً إلى الإبراهيمي ودعاه للانسحاب من مهمته في سورية، وأنه سيلقى الفشل الذي منيت به مهمة سابقه. أما (العربي غير النبيل) فعبر بخبثه ومكره، عن فشل المجتمع الدولي في حل الأزمة سياسياً، وبسبب الدعم السياسي واللوجستي الذي يتلقاه النظام السوري- حسب العربي – من قوى دولية وإقليمية معروفة، تريد كسب المزيد من الوقت بطرح مبادرات واجتماعات لا جدوى منها، بغية إطالة أمد الأزمة وتمكين النظام من الاستمرار في قتل وإبادة الشعب السوري. فالعربي يعدّ أحد رُسل الولايات المتحدة الأساسيين، تكفَّل أمام معلّمه (أوباما) لأنه (الأمين العام للجامعة العربية) فهو أمين وحريص جداً على مصالح الشعوب العربية، وهو الذي يحدد مستقبل سورية، وقال منذ أيام (إن الفرصة الأخيرة للنظام السوري انتهت منذ عام، ولسنا في انتظار فرص أخرى).

وفي المقابل لا تزال موسكو وبكين وطهران وقوى دولية وإقليمية حليفة، تؤكد ضرورة الحوار الوطني الشامل، وأن الحل السياسي هو الطريق الوحيد للخروج من الأزمة السورية. وأكد لافروف مجدداً في لقائه مع رؤساء البعثات الدبلوماسية للدول العربية في موسكو (أن موقف روسيا إزاء الأزمة السورية، هو في التوصل إلى حل المشاكل والنزاعات في سورية سلمياً، في إطار مبدأ الحوار الوطني دون أي تدخل خارجي). وتمسّكت موسكو بمطالبتها مجلس الأمن، بإصدار قرار على أساس اتفاق جنيف (حزيران 2012)، ورفضها أي قرار بالعقوبات على سورية.

وقال الصالحي وزير خارجية إيران، نحن بحاجة إلى مشاركة دول المنطقة التي يمكن أن تلعب دوراً، وأن تكون قادرة على العمل كأسرة إقليمية واحدة كبيرة، للتصدي للمشكلات المتعلقة بالمنطقة.

وأراد الصالحي أن يقول لتركيا والسعودية وقطر، إن دعمكم للتكفيريين والوهابيين والقتلة بالسلاح والمال وأجهزة الاتصال المتطورة، يزيد مشاكل المنطقة تعقيداً، وإن هذه السياسة لن تنجح وليس لها مستقبل، ولن تلاقي صدى لدى شعوب المنطقة، إلاَّ عند إسرائيل والولايات المتحدة والرجعية العربية.

وقبل انعقاد مؤتمر المعارضة الوطنية في دمشق، زار بكين وفد من هيئة التنسيق. وتمَّ الاتفاق على ضرورة إنجاح (مؤتمر الإنقاذ الوطني)، والتحضير لاجتماع سياسي أوسع لكل المكوّنات السياسية السورية في موسكو، تشارك فيه أغلب القوى السياسية، ممن لم تتلطخ أيديهم بالدماء. واتفق الطرفان على دعم مهمة الإبراهيمي، وكيفية مواجهة التسلح والعسكرة. ورفض الحل الأمني وضرورة إيجاد السُبل والطرق الديمقراطية والمجدية لوقف إطلاق النار من كل الأطراف ووقف نزيف الدم.

إن طاولة الحوار التي تجتمع حولها القوى السياسية التي تقف صفاً واحداً، ضد القتل والتخريب والإرهاب والطائفية، وضد التدخل الخارجي في شؤون سورية الداخلية، وإن الشعب السوري لهو الوحيد الذي يقرر مصير سورية، من الطبيعي أنه بالحوار الديمقراطي سيتم تذليل معظم العقبات، والسير في الطريق إلى نهايته لحل الأزمة السورية، ووضع برنامج يحدد مستقبل سورية السياسي والتوجهات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

العدد 1102 - 03/4/2024