الرفيق نمر لصحيفة «بلدنا»: تعالوا لنضع السلاح جانباً ولنتحاور!

نشرت صحيفة (بلدنا) في عددها الصادر بتاريخ 17/3/،2013 مقالة للرفيق حنين نمر، الأمين العام للحزب الشيوعي السوري (الموحد)، بعنوان (تعالوا إلى كلمة سواء)، وتعيد (النور) نشرها:

قد تكون فترة العامين اللذين مضيا على بداية الأحداث، كافية لكي نخرج بما يجب أن نخرج به من استنتاجات وخلاصات ومهمات، لكن يجب أن لا ينسينا ذلك، الواجب الأكثر إلحاحاً والأكثر خطورة وهو إسكات صوت الرصاص والمجيء بالعقل ليكون الفيصل والحكم.

هل يظن أولئك القادمون من الكهوف ومن خلف زوايا التاريخ المهملة أن يحكموا بلداً تناوبت عليه كل حضارت الدنيا؟ قد لاتكون الشرائح الاجتماعية والسياسية التي حكمت البلاد في حقب زمنية مختلفة قد هضمت وتمثلت تماماً الإرث الحضاري هذا، لكن تصويب أي مسار يجب أن ينطلق من عصارة كل ماهو إيجابي جرى إنجازه وتحقيقه، وليس الانقضاض عليه، وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

ما جرى في البلاد أقرب إلى مستوى التخيل منه إلى مستوى الواقع. فمن كان يصدق أن سورياً واحداً، في بلد تعد فيه معدلات الجريمة من أدنى المعدلات في العالم، أن يقتل أخاه السوري، بالساطور الذي تذبح به الخراف ويقطّع جثته إرباً إرباً.

من كان يصدق أن جثامين القتلى تلقى في المجارير والأنهار؟ من كان يتخيل أنه في بلد الأمان، أصبحت تُسبى الفتيات والنساء ويغتصبن بشكل جماعي قبل أن يقتلن؟

تعالوا نتمعن قليلاً في المواقع التي استهدفها التدمير والخراب:

أنابيب النفط الذي تحول جزء منه إلى سقاية الأراضي بدلاً من الماء، لنحتاج ربما إلى أجيال عدة للتخلص من آثارها السمية على البيئة. الأسمنت الفاسد الذي سيستعمله الناس لبناء ماتهدم ليتهدم مرة أخرى. معامل نستله وتاميكو وكل مصانع الأدوية التي نعالج بها مرضانا وجرحانا. أين حبوب الصوامع ومخازن الطحين؟ أين سكك الحديد وصهاريج المازوت والغاز؟ أين الجسور؟ أين المدارس والمنشآت؟ لنتساءل فوراً ما علاقة كل ماذكر بالديمقراطية وبأهداف الشعب الذي أُعلنت في الأيام الأولى للأحداث، ثم اختفت نهائياً ليصبح المرتزقة الأجانب الذين مُسحت عقولهم مسحاً، هم سادة الحراك؟ شاء من يدافع عنهم أم أبى. أليس في تنوع الأعمال الإجرامية هذه مايدل على أن سورية الدولة هي المستهدفة؟ وأن إسرائيل التي لا تريد لأي دولة عربية أن تقوم لها قائمة، هي المستفيد الأول من كل ما جرى؟

ماهي القضية التي يحملها هؤلاء في رؤوسهم ويقطعون الأرض ليصلوا إلى ساحة (الجهاد)، دمشق وحلب وآثارهما التاريخية الشاهدة على حضارة وقداسة هذه الأرض، أم أن هذه الأرض هي الهدف؟

تعالوا نتساءل أيضاً، أي بلد سيحكمون إن دمروا معظم بناها التحتية، وجيشها وأجهزتها الحكومية؟ ولماذا لانسمع كلمة واحدة عن إسرائيل واغتصاب فلسطين المقدسة، والعهر الاستعماري الذي ينهب ثروات العرب ويحولهم إلى عبيد من جديد؟

تعالوا يا حملة السلاح، لنضع هذا السلاح جانباً ولنتحاور فيما تريدون، إن كنتم تقيمون معنى لكلمة حوار. فإن أردتم حكم هذه الدولة، فيجب أن يكون هناك دولة لكي تحكموها. وإذا كنتم تريدون الحرية، فنحن نريدها قبلكم، لأننا نعرف أنها الطريق إلى التقدم الاجتماعي نحو الأمام وليس إلى الوراء.

أما من اختاروا سلاح القلم والموقف السلمي والحل السياسي ليعبّروا عن رأيهم، ويمارسوا حقهم الطبيعي في العمل السياسي، فنحن نقول لهم: تعالوا لنعلي معاً شأن الكلمة الحرة ونوقف حمام الدم. ولنناضل ضد كل ماهو استبدادي في هذه الدولة. ولنناضل أيضاً ضد كل من هو فاسد فيها، وضد كل احتكار للسلطة بعد الآن، ولنقول: نعم لسورية الديمقراطية الوطنية التقدمية!

العدد 1104 - 24/4/2024