المواطن.. بين نار الغلاء وابتزاز التجار!

في الأزمات يذوب الثلج ويظهر المرج.. ولكن أي مرج هذا الذي أظهرته أزمتنا؟ إنه مرج رسمت عليه حالات من الاحتيال والاحتكار والاستغلال، فقد بانت النوايا وفرز الشرفاء عن ضعاف النفوس، وقد ظهر ذلك واضحاً في الجانب الاقتصادي، إذ تفنن التجار والباعة بأساليب ابتزاز المواطن ومساومته على حاجاته اليومية والضرورية، بدءاً من الخبز إلى علبة المتة.

وعند الحديث عن رغيف الخبز الذي يشكل مادة أساسية وضرورية لا تخلو مائدة منه، ورغم الدعم الكبير الذي قدمته الحكومة والذي يصل إلى المليارات سنوياً، هادفة إيصال الرغيف إلى المواطنين بسعر معقول ومدعوم وبمواصفات جيدة. فإن هذا الرغيف لم يسلم من أيدي ضعاف النفوس، إذ ذهب الدعم إلى جيوبهم. وقد يتوضح ذلك من خلال نوعية الرغيف الرديئة في أغلب الأحيان من جهة، ومن نقص الوزن من جهة أخرى.

إذ يباع الخبز بالعدد، ويقوم أصحاب الأفران بتهريب مادة الطحين، وبالتالي تنقص الكميات التي يتوجب على كل فرن خبزها ليوفر دون وجه حق كمية المازوت المخصصة له لصنع الرغيف، ورغم كل الإجراءات التي يتخذها المعنيون لا يزال التلاعب بقوت المواطن قائماً حتى الآن لإثراء ذوي النفوس الضعيفة.

ونقترح تشديد الرقابة على نوعية الرغيف ووزنه، واتخاذ إجراءات استثنائية في هذا الظرف الاستثنائي الذي يمر به بلدنا الحبيب من جهة، ومن جهة أخرى لمَ لا تُمنع الأفران من البيع مباشرة إلى المستهلك؟ وذلك من خلال تسليم كمية الطحين المخصصة لكل فرن ويجري الاستلام بنسبة لا تقل عن 90% من كمية الخبز المنتجة، ثم يجري توزيع كمية الخبز هذه على الأكشاك المنتشرة في المناطق والأحياء والقرى والمعتمدين بالسعر المحدد، فنكون قد ضمنّا خبز الكميات المخصصة وعدم تهريبها، وكذلك حافظنا على سعره كما أسلفنا.

هذا ما يعيش عليه المواطن السوري، بل تصل معاناته إلى الأمرّين أيضاً في الحصول على المواد الأساسية، بسبب النقص الكبير في المواد. فبعض النقص جاء نتيجة للحصار الاقتصادي، وبعضها نتيجة لاحتكار بعض التجار المستفيدين من الأزمة.

فبات من البديهي أن يتحمل كل مواطن سوري عبء كل تغير يحصل، فإذا ارتفع سعر الدولار فسيجد نفسه مضطراً لدفع الفارق الناتج عن هذا الارتفاع، بذريعة غلاء هذه السلعة وارتفاع قيمة استيرادها عند التاجر. وحتى لو حصل العكس، أي انخفض سعر الدولار، فسيبقى يدفع التكلفة ذاتها، أليس الأمر غريباً؟!

العدد 1102 - 03/4/2024