حقوق الإنسان في الولايات المتحدة
ردت الحكومة الصينية على اتهامات من جانب الحكومة والإعلام الأمريكيين تنتقد ذلك البلد، الصاعد بسرعة، بسبب انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان. فقد أصدرت الحكومة الصينية تقريراً مفصلاً بعنوان (سجل حقوق الإنسان في الولايات المتحدة في عام 2011).
يعتمد التقرير الصيني اعتماداً أساسياً على مصادر حكومية وإعلامية أمريكية في المعلومات الموسعة التي يقدمها، ويتضمن في فئة حقوق الإنسان انتهاكات مثل: التفاوت الكبير في الدخل في الولايات المتحدة، ومعدل الاحتجاز الضخم، والتمييز العنصري، والمعدلات المرتفعة للبطالة والتشرد، وحرمان عشرات الملايين من العناية الصحية، والقمع الشديد لحركة (احتلوا وول ستريت) وسوء معاملة المهاجرين، وتضخم دولة الأمن الوطني، والتدخلات العسكرية في بلدان أخرى.
استقبلت الحركات التقدمية في العالم، ومن ذلك في الولايات المتحدة، بالترحاب، انتقاد الصين العلني لحكومة الولايات المتحدة على نفاقها بشأن حقوق الإنسان. وقد لجأ قادة الصين إلى ذلك بسبب موقف واشنطن المتزايد العدوانية، والذي يتضمن كل إهانة لسيادة الصين، مع كورس من محاضرات (الطرف المستقيم) حول حقوق الإنسان، وقد ردت الصين بقول الحقيقة.
نشر مكتب المعلومات في مجلس الدولة الصيني تقريره فور إصدار وزارة الخارجية الأمريكية تقرير البلد السنوي بشأن حقوق الإنسان. وتتجرأ حكومة الواحد في المئة في واشنطن على إصدار حكم على كل بلد آخر في العالم، كما لو كانت حكماً نزيهاً ومستقلاً في شأن حقوق الإنسان.
تشير الصين بحق إلى أن الولايات المتحدة التي تعطي نفسها حق انتقاد نحو مئتي بلد ومنطقة، لا تقول كلمة عن (الوضع البائس لحقوق الإنسان عندها وتظل صامتة بشأنها). وقد أصدر الصينيون تقريرهم (لكشف الوضع الحقيقي لحقوق الإنسان في الولايات المتحدة أمام شعوب العالم).
قمع حركة (احتلوا وول ستريت)
يقتبس فصل الوثيقة المعنون (حول الحقوق المدنية والسياسية) الكثير من المصادر الإعلامية الأمريكية والبريطانية حول المعاملة التي لقيتها حركة (احتلوا وول ستريت): (تدَّعي حركة احتلوا وول ستريت الاحتجاجية الدفاع عن 99 في المئة من مواطني الولايات المتحدة، ضد الفئات الأكثر ثراء. وقد اختبرت هذه الحركة الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأمريكية.
وتكفي حقيقة أن آلاف المحتجين عوملوا بطريقة فظة وعنيفة، مع اعتقال الكثيرين منهم، والدوس بصورة متعمدة على حرية التجمع والتظاهر والتعبير،لتقديم لمحة عن واقع ما تسمى بالحرية والديمقراطية الأمريكية).
اعتقل 92 شخصاً في نيويورك في 9 تشرين الأول (نيويورك تايمز في 15 تشرين الأول).
أخرجت حركة احتلوا وول ستريت بالقوة من مخيمها في زيكوتي بارك، واعتقل أكثر من مئتي شخص في 15 تشرين الثاني. (الغارديان في 25 تشرين الثاني). واعتقلت شرطة شيكاغو نحو 300 شخص عضو من حركة احتلوا شيكاغو الاحتجاجية خلال أسبوعين. (هيرالد صن في 24 تشرين الأول). واعتُقل 85 شخصاً على الأقل عندما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والهراوات لدى تحطيم مخيم احتلوا وول ستريت في أوكلاند في كاليفورنيا، في 25 تشرين الأول، وأصيب جندي سابق في الحرب العراقية بكسر في الجمجمة وتورم في الدماغ بعد أن أصابت قذيفة شرطة رأسه. (الغارديان في 26 تشرين الأول). واعتقل مئات الأشخاص عندما نظمت مظاهرات في مدن أمريكية شتى بمناسبة مرور شهرين على حركة احتلوا وول ستريت في 17 تشرين الثاني (يو إس توداي في 18 تشرين الثاني). ومن ضمنهم اعتقل 276 على الأقل في نيويورك وحدها. وأصيب بعض المحتجين بجراح لدى سحبهم بعيداً. واتهم محتجون كثيرون الشرطة بمعاملتهم بعنف. (وول ستريت جورنال في 18 تشرين الثاني).
يشير البيان الصيني بعد ذلك إلى الآلاف من متظاهري وول ستريت الذين اعتقلوا في الأشهر الأخيرة من عام،2011 من جسر بروكلين إلى شيكاغو وأوكلاند في كاليفورنيا. ويصف التقرير كيف منعت الشرطة الصحفيين من الاقتراب من المحتجين، عندما هدمت مخيم زيكوتي بارك. لقد جرى رش الصحفيين بالفلفل، واعتقل نحو مئتين منهم. وكانت النتيجة: (عندما تطورت حركة وول ستريت لتصبح حركة شاملة، لم تقدم سي إن إن وفوكس نيوز تقارير حية عنها، ويتناقض هذا مع احتجاج الميدان في القاهرة الذي بثته سي إن إن وفوكس نيوز حياً طوال 24 ساعة).
وفي الفصل المتعلق بالقمع الحكومي، تتحدث الوثيقة عن احتجاز الملايين في الولايات المتحدة: (تظل الولايات المتحدة البلد ذا العدد الأكبر من (سكان السجون)، والنسبة الأعلى في العالم محسوبة إلى الفرد من السكان. كما أن ظروف الاحتجاز فظيعة، ووفقاً لوزارة العدل الأمريكية وصل عدد السجناء إلى مليونين وثلاثمئة ألف معتقل في عام ،2009 ويقبع واحد من كل 132 مواطن أمريكي وراء القضبان).
البطالة واستقطاب الثروة
تقول الوثيقة الصينية: إن (البطالة الطويلة الأمد في البلد لم تكن في وقت من الأوقات خلال الأعوام الستين الأخيرة مرتفعة كما في عام ،2011 ذكرت »نيويورك تايمز« في 12 كانون الأول 2011 أن الإحصاء الأخير أشار إلى وجود 3,13 مليون إنسان عاطلين عن العمل رسمياً، وأن 7,5 ملايين منهم بلا عمل لأكثر من ستة أشهر. بلغ معدل البطالة 9,8 في المئة لعام 2011. أما معدل البطالة لدى الشباب الأمريكيين بين سنَّيْ 25 و34 فقد وصل إلى 26 في المئة في تشرين الأول من ذلك العام. (ذي وورلد جورنال في 18 تشرين الثاني 2011) مع نسبة أكبر من العاملين جزئياً فقط).
ويتناول التقرير الزعم أن الولايات المتحدة لديها (طبقة متوسطة واسعة ومتنامية. ولكن هذه ليست الحقيقة. فوفق تقرير صادر عن مكتب الميزانية في الكونغرس في 25 تشرين الأول ،2011 كان لدى الواحد في المئة من أغنى الأسر الأمريكية النمو الأسرع في دخل الأسرة بين عامي 1979 و،2007 بزيادة 275 في المئة في الدخل بعد حسم الضرائب، في حين زاد دخل العشرين في المئة الأفقر بعد حسم الضرائب بنسبة 18 في المئة فقط). أما بالنسبة للثروة المتراكمة، أو الأصول، فإن الهوة أوسع بكثير: (يملك أغنى 400 أمريكي 5,1 تريليون دولار قيمة أصول، أي الثروة المشتركة نفسها لنصف الأمريكيين الأفقر، أي أكثر من 150 مليون إنسان).