قلوب صغيرة تحمل معاني كبيرة

أطفالنا فلذات أكبادنا يكبرون ….من رحم معاناة الوطن المجروح..يكبرون والهمّ عليهم يكبر معهم ، يضحكون والدمعة لا تفارق مآقيهم، يلعبون ألعاباً أضفت الحرب عليها صبغتها القاسية العنيفة المؤلمة. رغم معاناة القتل والتهجير والدمار تراهم يلعبون يضحكون وهم واعون لكل ما يحصل لأنهم فقط يأملون بيوم جديد يزيح عن كاهلهم رعب اليوم وصولاً إلى المستقبل الآمن.

في حادثة جميلة أثارت الفرح في نفسي والطمأنينة على جيل من الأطفال عايش الحرب والتهجير والحسرة. تداعى مجموعة من الأطفال، تلاميذ الصف الخامس في مدرسة قطر الندى في مصياف، لم تتجاوز أعمارهم العاشرة لدعم زميلٍ لهم من ضحايا هذه الحرب المجنونة، هجّرته الحرب وألبسته من لباسها الحزين.

أتى، جلس بجانبي وسألني بكل لطفٍ وهدوء: بابا، رفيقي في المدرسة من حلب هو مهجّر..

قلت له: ماذا في ذلك يا بني؟ هذا ليس عيباً.

قال لي: أريد أن أعطيه حذائي الرياضي الأبيض لأنه يأتي للمدرسة بالشحاطة، والجو أصبحت بارداً.

ضممته إلى صدري وقبّلت وجنتيه وقلت له: أحسنت بنيّ! أنا فخورٌ بك وبقلبك الطيب!

قال لي: لقد اتفقنا أنا وأصدقائي أن نقدم له ما تيسّر من أحذية وألبسة، وقد أخبرنا المعلمة بذلك وهي موافقة وشجعتنا على ذلك. طبعاً من دون أن يعلم حتى لا يحزن أو يشعر بالأسى.

قلت له: لا يا حبيبي، لن يشعر بالحزن والأسى بل سوف يكون فخوراً بكم وبصداقتكم وقلوبكم الطيبة.

هؤلاء أطفالنا، لم تزدهم الحرب إلا حباً وعطفاً وحساً بالمسؤولية، أقولها بكل فخر واعتزاز. لا خوف على مستقبل جيل يحمل مثل تلك القيم والأحاسيس والمشاعر الجميلة. أطفالنا جيل المستقبل الغد المشرق.. طوبى لقلوبكم الصغيرة النابضة حباً وعطفاً وشغفاً بالحياة! طوبى للقلوب المعطاءة دون مقابل! طوبى للقلوب التي تحب أن ترسم الفرح على وجوه أقرانهم والبسمة على شفاههم! ولنعزز فيهم نحن الكبار تلك الروح على البذل العطاء تحمل المسؤولية.

العدد 1102 - 03/4/2024