صكٌّ للكرامة …

صكٌّ للكرامة
#العدد825 #بقلم_غزل_حسين_المصطفى #جريدة_النور

ضمان اجتماعي، تأمين (طابو أخضر)، سند ملكية، أوراق متعددة الأسماء متباينة الوظيفة، لكن في نهاية المطاف تصبّ في بوتقة واحدة وهي كفالة الحقوق والسير ضمن إطار القانون. لكن سؤالاً تطرحه معطيات الواقع، أليس للكرامة الإنسانية ضمان؟
ركبُ الحضارة الذي نسايره راح يخطط لقولبة الأشياء ضمن أطر منسّقة محددة ومكفولة، فلمَ لا تعتمد الدول صكّاً للكرامة؟
مُجريات الواقع تُشير إلى أن عملية البيع والاعتداء تسير على قدم وساق، لذلك بمجرد تطبيق فكرة الصك تصبح الكرامات قابلة للبيع والشراء بطريقة أكثر حضارية!
هل هَزُلت الأمور لدرجة أننا بتنا نناقش فكرة الكرامة أو الإنسان بطريقة تهكمية وتعبيرات غير مباشرة عن كميّة البشاعة التي وصلنا إليها؟
إن امتداد الحرب لسنوات طويلة على الخارطة السورية أدى إلى تحوّلها إلى أن تكون الراعي الرسمي لكل آفة تفتك بنا على اختلاف نوعها، وفي كل مرة نفرد النقاش حول قضية معينة نَشُدّ الحرب من ناصيتها لتقبع في قفص الاتهام وندينها لأنها وراء كلّ ما نمرّ به!
لذلك حتى في قضية اليوم، كانت الحرب هي البيئة الأكثر جودة لنموها واتخاذ ذرائع متباينة لتتوغل في الهيكل العظمي للمجتمع.
الاتجار بالبشر عملية رائجة رابحة غير مُكلِفة، المواد الخام (البشر) متوافرة وبكثرة.
قبل الخوض في التفاصيل، ماذا يعني الاتجار بالبشر؟ وهل كانت هذه الجريمة ضمن اهتمامات الشأن الدولي؟
الاتجار بالبشر هو تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال. ويشمل الاستغلال، كحد أدنى، استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة أو الخدمة قسراً، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء.
زمن العبودية من المفروض أن يكون قد ولى منذ مئات السنين، لكن القُبح مُستوطن في النفوس حتى عدنا له في أول مرة دقت الظروف ناقوسنا، ذلك أننا نرى كرامات تُسفك بكل بساطة، فالإنسان السوري ضمن الحدود الجغرافية للمنطقة ذاق مُرّ الاسترقاق على اختلاف الأنواع والشدة. وهناك نقطة مهمة أثَّرت في واقعنا، وهي وجود تنظيمات إسلامية دنَّست كرامة المرأة بالسبي والاغتصاب إضافة إلى الزواج القسري، كما جنَّدت الطفل لمصالحها، وهذا ما يندرج ضمن إطار الاتجار.
الموضوع مُفرطٌ في الواقعية، وربما لا نملك إحصائيات حتى نُطبّل بها ونجمع شفقة وتعاطفاً متزايداً، ما نملكه هو واقع وأحداث لا يمكن الاستهانة بها كغيرها، فتبقى حبيسة المشاعر.
القضية بحاجة إلى تدابير حازمة صارمة، فالوضع الاجتماعي والحاجة المادية لا تُبرر القبول والخنوع عند بعض الأطراف، ولا تُبرر مُمارسات بعضهم الآخر.

العدد 1104 - 24/4/2024