تصعيد أمريكي جديد عودٌ على بدء

التناغم الجليّ القائم بين المسلك الأمريكي على الأرض في مسرح العمليات العسكرية، والتطورات الجارية في اجتماعات جنيف، وصل في الأيام الماضية إلى مستوى عالٍ من التنسيق، هو الأخطر هذه المرة.

فقد أعلن المسؤولون الأمريكان عن إنشاء ما يسمى (جيش سورية الجديد)، وهو عبارة عن لملمة الفارين من داعش الذين أنقذتهم الطائرات الأمريكية من الموت أثناء مطاردة الجيش العربي السوري لهم، وهم الآن يصبحون جنوداً في الجيش الأمريكي، يساعدونه في التدريب على الأرض السورية ومقاومة الجيش السوري، ويقال إن جهد هؤلاء سيتركز في مسرح علميات الجنوب الغربي السوري، وقد أُرغم الأردن على استئناف النشاط على هذه الجبهة، بعد أن توقف قليلاً في الأشهر الماضية، وتعد قاعدة (التنف) في الصحراء إحدى القواعد العسكرية الأمريكية التي رغم تطويقها من قبل الجيش السوري إلا أنها في طور تسخيرها لتعزيز الوجود العسكري الأمريكي في الشرق السوري.

إن زيادة هذا الوجود المتصاعد لا تحدث سراً، إنما على المكشوف وبكل (عين وقحة)- كما يقال.

لقد أعلنت سورية، وأيدتها بذلك روسيا وإيران، إن هذا الوجود غير شرعي، ويجب إزالته وفقاً للقانون الدولي، لكن الجواب الأمريكي كان عدم الانسحاب حتى إتمام التسوية الشاملة في المنطقة.

وذلك يدل على النوايا العدوانية للإدارة الأمريكية بدءاً من تعطيل مؤتمر جنيف حتى إطلاق تهديدات جديدة ضد سورية، بزعزعة استقرارها.

وما جرى في جنيف هو الوجه الآخر السياسي لتعطيل عملية السلام التي تترنح الآن على وقع سلوك وفد المعارضة السورية (الرياض 2)، الذي لا يخطو خطوة واحدة إلا بناء على توجيه الإدارة الأمريكية. إن التمسك بالبند الخاص المتعلق برئيس الجمهورية، وتأييد أمريكا لهذا التمسك يعّبر عن الرغبة الدفينة بعدم إجراء تسوية سياسية شاملة، لأن هدف إشعال نار الحرب القذرة على سورية، لم يتحقق منه سوى هدف الذبح والتدمير وتخريب سورية، أما الأهداف الأخرى الباقية فلم تتحقق، لذلك كنا وما نزال نعتقد أنه في ظل عدم رغبة أمريكا بخوض حرب شاملة على سورية، فإن الهدف الأقرب لها سيكون إشعال حرب استنزاف طويلة المدى، والسؤال الذي يُطرح الآن بكل قوة: لماذا الإصرار على تنحية رئيس الجمهورية؟ هل لأنه قام بواجبه الدستوري والسياسي بالتصدي للعدوان؟ وهل يُطلب منه الترحيب بالمعتدين الإرهابيين وفتح أبواب البلاد أمامهم، ومكافأتهم على جرائمهم التي ارتكبوها في سورية.

أما من الناحية القانونية فإن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2294 لم ينص على أي بند يتعلق برئيس الجمهورية، فلماذا هذا الإصرار الشديد عليه؟ إنه يدل على نية التحكم بمجرى السياسة الداخلية في مستقبل سورية، وخلق حالة من عدم التوازن فيها، إن هذا الإصرار لا يقصد منه سوى تفجير المسار السلمي، على الرغم من قصوره، والعودة مجدداً إلى الاقتتال، وهو محاولة فاشلة جديدة لتغيير ميزان القوى لصالح أمريكا وأتباعها، وهذا لن يحصل بفضل إرادة الصمود لدى الشعب السوري وحلفائه وأصدقائه.

 

 

 

 

 

العدد 1104 - 24/4/2024